Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 8-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل هؤلاء الذين كفروا به ، وأنكروا البعث بعد الـمـمات بعضهم لبعض ، معجبـين من رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي وعده إياهم ذلك : أفترى هذا الذي يعدنا أنا بعد أن نـمزّق كلّ مـمزّق فـي خـلق جديد علـى الله كذبـاً ، فتـخـلق علـيه بذلك بـاطلاً من القول ، وتـخرص علـيه قول الزور { أمْ به جِنَّةٌ } يقول : أم هو مـجنون فـيتكلـم بـما لا معنى له . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قالوا تكذيبـاً : { أفْتَرَى علـى اللَّهِ كَذِبـاً } قال : قالوا : إما أن يكون يكذب علـى الله ، أم به جنة ، وإما أن يكون مـجنوناً { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ } … الآية . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ثم قال بعضهم لبعض : { أفْتَرَى عَلـى اللَّهِ كَذِبـاً أمْ بِهِ جِنَّةٌ } الرجل مـجنون فـيتكلـم بـما لا يعقل ، فقال الله : { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالآخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضَّلالِ البَعِيد } ِ . وقوله : { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالآخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضَّلالِ البَعِيدِ } يقول تعالـى ذكره : ما الأمر كما قال هؤلاء الـمشركون فـي مـحمد صلى الله عليه وسلم ، وظنوا به من أنه أفترى علـى الله كذبـاً ، أو أن به جنة ، لكنّ الذين لا يؤمنون بـالآخرة من هؤلاء الـمشركين فـي عذاب الله فـي الآخرة ، وفـي الذهاب البعيد عن طريق الـحقّ ، وقصد السبـيـل ، فهم من أجل ذلك يقولون فـيه ما يقولون . حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد قال الله : { بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالآخِرَةِ فِـي العَذَابِ والضَّلالِ البَعِيدِ } وأمره أن يحلف لهم لـيعتبروا ، وقرأ : { قُلْ بَلـى وَرَبِّـي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبِّؤُنَّ بِـما عَمِلْتُـمْ … } الآية كلها ، وقرأ : { قُلْ بَلـى وَربّـي لَتَأْتِـيَنَّكُمْ } وقطعت الألف من قوله : { أفْتَرَى علـى اللَّهِ } فـي القطع والوصل ، ففتُـحت لأنها ألف استفهام . فأما الألف التـي بعدها ، التـي هي ألف أفتعل ، فإنها ذهبت لأنها خفـيفة زائدة تسقط فـي اتصال الكلام ، ونظيرها : { سَوَاءٌ عَلَـيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ } { وبِـيَدَيَّ أسْتَكْبَرْتَ } { وأَصْطَفَـى الْبَنَاتِ } وما أشبه ذلك . وأما ألف « آلآنَ » « وآلذَّكَرَيْنِ » فطوّلت هذه ، ولـم تطوّل تلك ، لأن آلآن وآلذكرين كانت مفتوحة ، فلو أسقطت لـم يكن بـين الاستفهام والـخبر فرق ، فجعل التطويـل فـيها فرقاً بـين الاستفهام والـخبر ، وألف الاستفهام مفتوحة ، فكانتا مفترقتـين بذلك ، فأغنى ذلك دلالة علـى الفرق من التطويـل .