Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 16-18)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : إن يشأ يُهلككم أيها الناس ربكم ، لأن أنشأكم من غير ما حاجة به إلـيكم { ويَأْتِ بِخَـلْقٍ جَدِيدٍ } يقول : ويأت بخـلق سواكم يُطيعونه ، ويأتـمرون لأمره ، وينتهون عما نهاهم عنه ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنْ يَشأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَـلْقٍ جَدِيدٍ } : أي ويأت بغيركم . وقوله : { وَما ذَلكَ علـى اللّهِ بِعَزِيزٍ } يقول : وما إذهابكم والإتـيان بخـلق سواكم علـى الله بشديد ، بل ذلك علـيه يسير سهل ، يقول : فـاتقوا الله أيها الناس ، وأطيعوه قبل أن يفعل بكم ذلك . وقوله : { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } يقول تعالـى ذكره : ولا تـحملْ آثمة إثم أخرى غيرها { وَإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلـى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبَى } يقول تعالـى : وإن تسألْ ذاتُ ثِقْل من الذنوب مَنْ يحمل عنها ذنوبها ، وتطلب ذلك لـم تـجد من يحمل عنها شيئاً منها ، ولو كان الذي سألته ذا قرابة من أب أو أخ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ أُخْرَى وَإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلـى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبَى } يقول : يكون علـيه وزر لا يجد أحداً يحمل عنه من وزره شيئاً . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَإنْ تَدعُ مُثْقَلةٌ إلـى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ } كنـحو : { لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وَزْرَ أُخْرَى } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَإنْ تَدْع مُثْقَلَةٌ إلـى حِمْلِها } إلـى ذنوبها { لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبَى } : أي قريب القرابة منها ، لا يحمل من ذنوبها شيئاً ، ولا تـحمل علـى غيرها من ذنوبها شيئاً { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ونصب ذا قربى علـى تـمام « كان » لأن معنى الكلام : ولو كان الذي تسأله أن يحمل عنها ذنوبها ذا قربى لها وأنثت « مثقلة » ، لأنه ذهب بـالكلام إلـى النفس ، كأنه قـيـل : وإن تدع نفس مثقلة من الذنوب إلـى حمل ذنوبها . وإنـما قـيـل كذلك لأن النفس تؤدّي عن الذكر والأنثى ، كما قـيـل : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الـمَوْتِ } يعنـي بذلك : كلّ ذكر وأنثى . وقوله : { إنَّـمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بـالغَيْبِ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : إنـما تنذر يا مـحمد الذين يخافون عقاب الله يوم القـيامة من غير معاينة منهم لذلك ، ولكن لإيـمانهم بـما أتـيتهم به ، وتصديقهم لك فـيـما أنبأتهم عن الله فهؤلاء الذين ينفعهم إنذارك ، ويتعظون بـمواعظك ، لا الذين طَبَع الله علـى قلوبهم فهم لا يفقهون ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّـمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بـالغَيْبِ } : أي يخشون النار . وقوله : { وأقامُوا الصَّلاةَ } يقول : وأَدَّوْا الصلاة الـمفروضة بحدودها علـى ما فرضها الله علـيهم . وقوله : { وَمَنْ تَزَكَّى فإنَّـمَا يتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } يقول تعالـى ذكره : ومن يتطهَّر من دنس الكفر والذنوب بـالتوبة إلـى الله ، والإيـمان به ، والعمل بطاعته ، فإنـما يتطهَّر لنفسه ، وذلك أنه يثـيبها به رضا الله ، والفوز بجنانه ، والنـجاة من عقابه ، الذي أعدّه لأهل الكفر به ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمَنْ تَزَكَّى فإنَّـمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ } : أي من يعملْ صالـحاً فإنـما يعمله لنفسه . وقوله : { وَإلـى اللّهِ الـمَصِيرُ } يقول : وإلـى الله مصير كلّ عامل منكم أيها الناس ، مؤمنكم وكافركم ، وبرّكم وفـاجركم ، وهو مـجاز جميعكم بـما قدّم من خير أو شرّ علـى ما أهل منه .