Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 1-1)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : الشكر الكامل للـمعبود الذي لا تصلـح العبـادة إلا له ، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السموات السبع والأرض ، { جاعِلِ الـمَلائِكَةِ رُسُلاً } إلـى من يشاء من عبـاده ، وفـيـما شاء من أمره ونهيه { أُولـي أجْنِـحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبـاعَ } يقول : أصحاب أجنـحة : يعنـي ملائكة ، فمنهم من له اثنان من الأجنـحة ، ومنهم من له ثلاثة أجنـحة ، ومنهم من له أربعة ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { أُولـي أجْنِـحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبـاعَ } قال بعضهم : له جناحان ، وبعضهم : ثلاثة ، وبعضهم أربعة . واختلف أهل العربـية فـي علة ترك إجراء مَثْنَى وثلاث وربـاع ، وهي ترجمة عن أجنـحة ، وأجنـحة نكرة ، فقال بعض نـحويـيّ البصرة . تُرك إجراؤهنّ لأنهنّ مصروفـات عن وجوههنّ ، وذلك أن مثنى مصروف عن اثنـين ، وثلاث عن ثلاثة ، ورُبـاع عن أربعة ، فصرف نظيرُ عمَرَ ، وزُفَرَ ، إذ صُرِف هذا عن عامر إلـى عمر ، وهذا عن زافر إلـى زُفر ، وأنشد بعضهم فـي ذلك : @ وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ وَمَوْحَدَا وترَكْتُ مَرَّةَ مِثْلَ أمْسِ الـمُدْبِرِ @@ وقال آخر منهم : لـم يصرف ذلك لأنه يوهم به الثلاثة والأربعة ، قال : وهذا لا يستعمل إلا فـي حال العدد . وقال بعض نـحويـيّ الكوفة : هنّ مصروفـات عن الـمعارف ، لأن الألف واللام لا تدخـلها ، والإضافة لا تدخـلها قال : ولو دخـلتها الإضافة والألف واللام لكانت نكرة ، وهي ترجمة عن النكرة قال : وكذلك ما كان فـي القرآن ، مثل : { أنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى } ، وكذلك وُحاد وأحاد ، وما أشبهه من مصروف العدد . وقوله : { يَزِيدُ فِـي الـخَـلْقِ ما يَشاءُ } وذلك زيادته تبـارك وتعالـى فـي خـلق هذا الـملك من الأجنـحة علـى الآخر ما يشاء ، ونقصانه عن الآخر ما أحبّ ، وكذلك ذلك فـي جميع خـلقه يزيد ما يشاء فـي خـلق ما شاء منه ، وينقص ما شاء من خـلق ما شاء ، له الـخـلق والأمر ، وله القدرة والسلطان { إنَّ اللّهَ علـى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } يقول : إن الله تعالـى ذكره قدير علـى زيادة ما شاء من ذلك فـيـما شاء ، ونقصان ما شاء منه مـمن شاء ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، لا يـمتنع علـيه فعل شيء أراده سبحانه وتعالـى .