Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 22-25)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل هذا الرجل الـمؤمن { وَمالـيَ لا أعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِـي } : أي وأيّ شيء لـي لا أعبد الربّ الذي خـلقنـي { وَإلَـيْهِ تُرْجَعُونَ } يقول : وإلـيه تصيرون أنتـم أيها القوم وتردّون جميعاً ، وهذا حين أبدى لقومه إيـمانه بـالله وتوحيده ، كما : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق فـيـما بلغه ، عن ابن عبـاس ، وعن كعب الأحبـار ، وعن وهب بن منبه قال : ناداهم ، يعنـي نادى قومه بخلاف ما هم علـيه من عبـادة الأصنام ، وأظهر لهم دينه وعبـادة ربه ، وأخبرهم أنه لا يـملك نفعه ولا ضرّه غيره ، فقال : { وَمالِـيَ لا أعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِـي وَإلَـيْهِ تُرْجَعُونَ أءتَّـخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً } ثم عابها ، فقال : { إن يُردْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرّ } وشدّة { لا تُغْنِ عَنِّـي شَفـاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونَ } . وقوله : { أءتَّـخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً } يقول : أأعبد من دون الله آلهة ، يعنـي معبوداً سواه { إنْ يُردْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرّ } يقول : إذ مسنـي الرحمن بضرّ وشدّة { لا تُغْنِ عَنِّـي شَفـاعَتُهُمْ شَيْئاً } يقول : لا تغنـي عنـي شيئاً بكونها إلـيَّ شفعاء ، ولا تقدر علـى دفع ذلك الضرّ عنـي { وَلا يُنْقِذُونِ } يقول : ولا يخـلصونـي من ذلك الضرّ إذا مسنـي . وقوله : { إنّـي إذاً لَفـي ضَلالٍ مُبِـينٍ } يقول : { إنـي } إن اتـخذت من دون الله آلهة هذه صفتها { إذن لفـي ضلالٍ مبـين } لـمن تأمله ، جوره عن سبـيـل الـحقّ . وقوله : { إنّـي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فـاسمَعُونِ } فـاختلف فـي معنى ذلك ، فقال بعضهم : قال هذا القول هذا الـمؤمنُ لقومه يعلـمهم إيـمانه بـالله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق فـيـما بلغه ، عن ابن عبـاس ، وعن كعب ، وعن وهب بن منبه { إنّـي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فـاسمَعُونِ } إنـي آمنت بربكم الذي كفرتـم به ، فـاسمعوا قولـي . وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسلَ ، وقال لهم : اسمعوا قولـي لتشهدوا لـي بـما أقول لكم عند ربـي ، وأنـي قد آمنت بكم واتبعتكم فذكر أنه لـما قال هذا القول ، ونصح لقومه النصيحة التـي ذكرها الله فـي كتابه وثبوا به فقتلوه . ثم اختلف أهل التأويـل فـي صفة قتلهم إياه ، فقال بعضهم : رَجَموه بـالـحجارة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما لـيَ لا أعْبُدُ الذِي فَطَرَنِـي وَإلَـيْهِ تُرْجَعُونَ } هذا رجل دعا قومه إلـى الله ، وأبدى لهم النصيحة فقتلوه علـى ذلك . وذُكر لنا أنهم كانوا يرجمونه بـالـحجارة ، وهو يقول : اللَّهم اهدِ قومي ، اللهمّ اهدِ قومي ، اللهمّ اهدِ قومي ، حتـى أَقْعصُوه وهو كذلك . وقال آخرون : بل وثبوا علـيه ، فوطئوه بأقدامهم حتـى مات . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق فـيـما بلغه ، عن ابن عبـاس ، وعن كعب ، وعن وهب بن منبه قال لهم : { وَما لـيَ لا أعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِـي … } إلـى قوله : { فـاسمَعُونِ } وثبوا وثبة رجل واحد فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه ، ولـم يكن أحد يدفع عنه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول : وطِئوه بأرجلهم حتـى خرج قُصْبه من دُبُره .