Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 45-46)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإذا قـيـل لهؤلاء الـمشركين بـالله ، الـمكذّبـين رسوله مـحمداً صلى الله عليه وسلم : احذروا ما مضى بـين أيديكم من نقم الله وَمثُلاته بـمن حلّ ذلك به من الأمـم قبلكم أن يحلّ مثله بكم بشرككم وتكذيبكم رسوله . { وَما خَـلْفَكُمْ } يقول : وما بعد هلاككم مـما أنتـم لاقوه إن هلكتـم علـى كفركم الذي أنت علـيه { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يقول : لـيرحمكم ربكم إن أنتـم حذرتـم ذلك ، واتقـيتـموه بـالتوبة من شرككم والإيـمان به ، ولزوم طاعته فـيـما أوجب علـيكم من فرائضه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا قِـيـلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بـينَ أيْدِيكُمْ } : وقائع الله فـيـمن خلا قبلهم من الأمـم وما خـلفهم من أمر الساعة . وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { ما بـينَ أيْدِيكُمْ } قال : ما مضى من ذنوبهم . وهذا القول قريب الـمعنى من القول الذي قلنا ، لأن معناه : اتقوا عقوبة ما بـين أيديكم من ذنوبكم ، وما خـلفكم مـما تعملون من الذنوب ولـم تعملوه بعد ، فذلك بعد تـخويف لهم العقاب علـى كفرهم . وقوله : { وَما تَأْتِـيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهمْ إلاَّ كَانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ } يقول تعالـى ذكره : وما تـجيء هؤلاء الـمشركين من قريش آية ، يعنـي حجة من حُجَج الله ، وعلامة من علاماته علـى حقـيقة توحيده ، وتصديق رَسُوله ، إلا كانوا عنها معرضين ، لا يتفكرون فـيها ، ولا يتدبرونها ، فـيعلـموا بها ما احتـجّ الله علـيهم بها . فإن قال قائل : وأين جواب قوله : { وَإذا قِـيـلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَـيَنَ أيْدِيكُمْ وَما خَـلْفَكُمْ } ؟ قـيـل : جوابه وجواب قوله { وَما تَأْتِـيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهمْ } … قوله : { إلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ } لأن الإعراض منهم كان عن كلّ آية لله ، فـاكتفـى بـالـجواب عن قوله : { اتَّقُوا ما بَـينَ أيْدِيكُمْ } وعن قوله : { وَما تَأْتِـيهِمْ مِنْ آيَةٍ } بـالـخبر عن إعراضهم عنها لذلك ، لأن معنى الكلام : وإذا قـيـل لهم اتقوا ما بـين أيديكم وما خـلفكم أعرضوا ، وإذا أتتهم آية أعرضوا .