Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 77-79)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسانُ أنَّا خَـلَقْناهُ } . واختُلف فـي الإنسان الذي عُنـي بقوله : { أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسانُ } فقال بعضهم : عُنـي به أُبّـي بن خـلف . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عُمارة ، قال : ثنا عبـيد الله بن موسى ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن أبـي يحيى عن مـجاهد ، فـي قوله : { مَنْ يُحْيِـي العِظامَ وَهِيَ رَمِيـمٌ } قال : أُبـيّ بن خَـلَف أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعَظْم . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { وَضَرَبَ لنَا مَثَلاً } أُبـيّ بن خـلف . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { قالَ مَنْ يُحْيِـي العِظامَ وَهِيَ رَمِيـمٌ } : ذُكر لنا أن أُبـيَّ بن خـلف ، أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظْم حائل ، ففتَّه ، ثم ذرّاه فـي الريح ، ثم قال : يا مـحمد من يحيـي هذا وهو رميـم ؟ قال : " الله يحيـيه ، ثم يـميته ، ثم يُدخـلك النار " قال : فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد . وقال آخرون : بل عُنـي به : العاص بن وائل السَّهميّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبـير ، قال : جاء العاص بن وائل السهميّ إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظّم حائل ، ففتَّه بـين يديه ، فقال : يا مـحمد أيبعث الله هذا حياً بعد ما أرمّ ؟ قال : " نَعَمْ يَبْعَثُ اللّهُ هَذَا ، ثُمَّ يُـمِتُكَ ثُمَّ يُحْيِـيكَ ، ثُم يُدْخِـلُكَ نارَ جَهَنَّـم " قال : ونزلت الآيات : { أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسانُ أنَّا خَـلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فإذَا هُوَ خَصِيـمٌ مُبِـينٌ … } إلـى آخر الآية . وقال آخرون : بل عُنِـي به : عبد الله بن أُبـيّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسانُ أنَّا خَـلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ } … إلـى قوله : { وَهِيَ رَمِيـمٌ } قال : جاء عبد الله بن أُبـيّ إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم بعظْم حائل فكسره بـيده ، ثم قال : يا مـحمد كيف يبعث الله هذا وهو رميـم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يَبْعَثُ اللّهُ هَذَا ، ويُـمِيتُكَ ثُمَّ يُدْخِـلُكَ جَهَنَّـمَ " فقال الله : { قُلْ يُحْيِـيها الَّذِي أنشأها أوَّلَ مَرَّةٍ وَهُو بِكُلّ خَـلْقٍ عَلِـيـمٌ } . فتأويـل الكلام إذن : أو لـم ير هذا الإنسان الذي يقول : { مَنْ يُحْيِـي العِظامَ وَهِيَ رَمِيـمٌ } أنا خـلقناه من نطفة فسوّيناه خـلقاً سَوِيًّا { فإذَا هوَ خَصِيـمٌ } يقول : فإذا هو ذو خصومة لربه ، يخاصمه فـيـما قال له ربه إنـي فـاعل ، وذلك إخبـار لله إياه أنه مُـحْيـي خـلقه بعد مـماتهم ، فـيقول : مَنْ يحيـي هذه العظام وهي رميـم ؟ إنكاراً منه لقُدرة الله علـى إحيائها . وقوله : { مُبِـينٌ } يقول : يبـين لـمن سمع خُصومته وقـيـله ذلك أنه مخاصم ربه الذي خـلقه . وقوله : { وَضَرَبَ لنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَـلْقَهُ } يقول : ومثَّل لنا شبهاً بقوله : { مَنْ يُحْيِـي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيـمٌ } إذ كان لا يقدر علـى إحياء ذلك أحد ، يقول : فجعلنا كمن لا يقدر علـى إحياء ذلك من الـخـلق { وَنَسِيَ خَـلْقَهُ } يقول : ونسي خـلْقنَا إياه كيف خـلقناه ، وأنه لـم يكن إلا نطفة ، فجعلناها خـلقاً سَوِيًّا ناطقاً ، يقول : فلـم يفكر فـي خـلقناه ، فـيعلـم أن من خـلقه من نطفه حتـى صار بشراً سوياً ناطقاً متصرّفـاً ، لا يعْجِز أن يعيد الأموات أحياء ، والعظام الرَّميـم بشَراً كهيئتهم التـي كانوا بها قبل الفناء يقول الله لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } لهذا الـمشرك القائل لك : من يُحيـي العظام وهي رميـم { يُحْيِـيها الَّذِي أنشأَها أوَّلَ مَرَّةٍ } يقول : يحيـيها الذي ابتدع خـلْقها أوّل مرّة ولـم تكن شيئاً { وَهُوَ بِكُلّ خَـلْقٍ عَلِـيـمٌ } يقول : وهو بجميع خـلقه ذو علـم كيف يـميت ، وكيف يحيـي ، وكيف يبدىء ، وكيف يعيد ، لا يخفـى علـيه شيء من أمر خـلقه .