Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 107-111)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } يقول : وفدينا إسحاق بذبح عظيـم ، والفدية : الـجزاء ، يقول : جزيناه بأن جعلنا مكان ذبحه ذبح كبش عظيـم ، وأنقذناه من الذبح . واختلف أهل التأويـل فـي الـمفديّ من الذبح من ابنـي إبراهيـم ، فقال بعضهم : هو إسحاق . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يـمان ، عن مبـارك ، عن الـحسن ، عن الأحنف بن قـيس ، عن العبـاس بن عبد الـمطلب { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : هو إسحاق . حدثنـي الـحسين بن يزيد بن إسحاق ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن داود ، بن أبـي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : الذي أُمِر بذبحه إبراهيـم هو إسحاق . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا ابن أبـي عديّ ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : هو إسحاق . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، عن داود ، عن عكرمة ، قال : قال ابن عبـاس : الذبـيح إسحاق . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا زيد بن حبـاب ، عن الـحسن بن دينار ، عن علـيّ بن زيد بن جُدْعان ، عن الـحسن ، عن الأحنف بن قـيس ، عن العبـاس بن عبد الـمطلب ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي حديث ذكره ، قال : « هو إسحاق » . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، عن أبـي الأحوص ، قال : افتـخر رجل عند ابن مسعود ، فقال : أنا فلان ابن فلان ابن الأشياخ الكرام ، فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبـيح الله ابن إبراهيـم خـلـيـل الله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا إبراهيـم بن الـمختار ، قال : ثنا مـحمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبـي بكر ، عن الزهري ، عن العلاء بن حارثة الثقـفـي ، عن أبـي هريرة ، عن كعب فـي قوله : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : من ابنه إسحاق . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، قال : ثنا زكريا وشعبة ، عن ابن إسحاق ، عن مسروق ، فـي قوله : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : هو إسحاق . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن زيد بن أسلـم ، عن عبـيد بن عمير ، قال : هو إسحاق . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن زيد بن أسلـم ، عن عبد الله بن عمير قال : قال موسى : يا ربّ يقولون يا إله إبراهيـم وإسحاق ويعقوب ، فبـم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيـم لـم يعدل بـي شيئاً قطّ إلا اختارنـي علـيه ، وإن إسحاق جاد لـي بـالذبح ، وهو بغير ذلك أجود ، وإن يعقوب كلـما زدته بلاء زادنـي حسن ظنّ . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن زيد بن أسلـم ، عن عبد الله بن عبـيد بن عمير ، عن أبـيه ، قال : قال موسى : أي ربّ بـم أعطيت إبراهيـم وإسحاق ويعقوب ما أعطيتهم ؟ فذكر معنى حديث عمرو بن علـيّ . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن أبـي سنان الشيبـانـيّ ، عن ابن أبـي الهذيـل ، قال : الذبـيح هو إسحاق . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخربنـي يونس ، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبـي سفـيان بن أسيد بن حارثة الثقـفـي ، أخبره أن كعبـاً قال لأبـي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيـم النبـيّ ؟ قال أبو هريرة : بلـى ، قال كعب : لـما رأى إبراهيـمُ ذبحَ إسحاق ، قال الشيطان : والله لئن لـم أفتن عند هذا آل إبراهيـم لا أفِتن أحداً منهم أبداً ، فتـمثل الشيطان لهم رجلاً يعرفونه ، فأقبل حتـى إذا خرج إبراهيـم بإسحاق لـيذبحه دخـل علـى سارَة امرأة إبراهيـم ، فقال لها : أي أصبح إبراهيـم غادياً بإسحاق ، قالت سارَة : غدا لبعض حاجته ، قال الشيطان : لا والله ما لذلك غدا به ، قالت سارَة : فلـم غدا به ؟ قال : غدا به لـيذبحه قالت سارَة : لـيس من ذلك شيء ، لـم يكن لـيذبح ابنه قال الشيطان : بلـى والله قالت سارَة : فلِـمَ يذبحه ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت سارَة : فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك . فخرج الشيطان من عند سارَة حتـى أدرك إسحاق وهو يـمشي علـى إثر أبـيه ، فقال : أين أصبح أبوك غادياً بك ؟ قال : غدا بـي لبعض حاجته ، قال الشيطان : لا والله ما غدا بك لبعض حاجته ، ولكن غدا بك لـيذبحك ، قال إسحاق : ما كان أبـي لـيذبحنـي قال : بلـى قال : لِـمَ ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك قال إسحاق : فوالله لئن أمره بذلك لـيطيعنَّه ، قال : فتركه الشيطان وأسرع إلـى إبراهيـم ، فقال : أين أصبحت غادياً بـابنك ؟ قال : غدوت به لبعض حاجتـي ، قال : أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه ، قال : لـمَ أذبحه ؟ قال : زعمتَ أن ربك أمرك بذلك قال : الله فوالله لئن كان أمرنـي بذلك ربـي لأفعلنّ قال : فلـما أخذ إبراهيـم إسحاق لـيذبحه وسَلَّـم إسحاق ، أعفـاه الله وفداه بذبح عظيـم ، قال إبراهيـم لإسحاق : قم أي بنـيّ ، فإن الله قد أعفـاك وأوحى الله إلـى إسحاق : إنـي قد أعطيتك دعوة أستـجيب لك فـيها قال إسحاق : اللهمّ إنـي أدعوك أن تستـجيب لـي ، أيـما عبد لقـيك من الأوّلـين والآخرين لا يُشرك بك شيئاً ، فأدخـله الـجنة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبـي بكر ، عن مـحمد بن مسلـم الزهري ، عن أبـي سفـيان بن العلاء بن حارثة الثقـفـي ، حلـيف بنـي زهرة ، عن أبـي هريرة ، عن كعب الأحبـار أن الذي أُمِر إبراهيـم بذبحه من ابنـيه إسحاق ، وأن الله لـما فرّج له ولابنه من البلاء العظيـم الذي كان فـيه ، قال الله لإسحاق : إنـي قد أعطيتك بصبرك لأمري دعوة أعطيك فـيها ما سألت ، فسلنـي ، قال : ربّ أسألك أن لا تعذّب عبداً من عبـادك لقـيك وهو يؤمن بك ، فكانت تلك مسألته التـي سأل . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، قال : ثنا إسرائيـل ، عن جابر ، عن ابن سابط ، قال : هو إسحاق . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا سفـيان بن عُقْبة ، عن حمزة الزيات ، عن أبـي ميسرة ، قال : قال يوسف للـملِك فـي وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا والله يوسف بن يعقوب نبـيّ الله ، ابن إسحاق ذبـيح الله ، ابن إبراهيـم خـلـيـل الله . قال : ثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن أبـي سنان ، عن ابن أبـي الهُذَيـل ، قال : قال يوسف للـملك ، فذكر نـحوه . وقال آخرون : الذي فُدِي بـالذِّبح العظيـم من بنـي إبراهيـم : إسماعيـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب وإسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد ، قالا : ثنا يحيى بن يـمان ، عن إسرائيـل ، عن ثور ، عن مـجاهد ، عن ابن عمر ، قال : الذبـيح : إسماعيـل . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنـي بـيان ، عن الشعبـيّ ، عن ابن عبـاس { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : إسماعيـل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو حمزة ، عن مـحمد بن ميـمون السكريّ ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، قال : إن الذي أُمر بذبحه إبراهيـم إسماعيـل . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا هشيـم ، عن علـيّ بن زيد ، عن عمار ، مولـى بنـي هاشم ، أو عن يوسف بن مِهْران ، عن ابن عبـاس ، قال : هو إسماعيـل ، يعنـي { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، قال : ثنا داود ، عن الشعبـيّ ، قال : قال ابن عبـاس : هو إسماعيـل . وحدثنـي به يعقوب مرّة أخرى ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، قال : سئل داود بن أبـي هند : أيّ ابنـي إبراهيـم الذي أُمر بذبحه ؟ فزعم أن الشعبـيّ قال : قال ابن عبـاس : هو إسماعيـل . حدثنا ابن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن بـيان ، عن الشعبـي ، عن ابن عبـاس أنه قال فـي الذي فداه الله بذبح عظيـم قال : هو إسماعيـل . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلِـيَة ، قال : ثنا لـيث ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَفدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـم } قال : هو إسماعيـل . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي عمر بن قـيس ، عن عطاء بن أبـي رَبـاح ، عن عبد الله بن عبـاس أنه قال : الـمَفْدِيّ إسماعيـل ، وزعمت الـيهود أنه إسحاق وكذبت الـيهود . حدثنا مـحمد بن سنان القزاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن مبـارك ، عن علـيّ بن زيد ، عن يوسف بن مِهْران ، عن ابن عبـاس : الذي فداه الله هو إسماعيـل . حدثنا ابن سنان القزّاز ، قال : ثنا حجاج بن حماد ، عن أبـي عاصم الغَنَويّ ، عن أبـي الطفـيـل ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنـي إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عامر ، قال : الذي أراد إبراهيـم ذبحه : إسماعيـل . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا داود ، عن عامر أنه قال فـي هذه الآية { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : هو إسماعيـل ، قال : وكان قَرْنَا الكبش مَنُوطين بـالكعبة . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن الشعبـيّ ، قال : الذبـيح إسماعيـل . قال : ثنا ابن يـمان ، عن إسرائيـل ، عن جابر ، عن الشعبـي ، قال : رأيت قرنـي الكبش فـي الكعبة . قال : ثنا ابن يـمان ، عن مبـارك بن فضالة ، عن علـيّ بن زيد بن جُدْعان ، عن يوسف بن مِهْران ، قال : هو إسماعيـل . قال : ثنا ابن يـمان ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قال : هو إسماعيـل . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : ثنا عوف ، عن الـحسن { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : هو إسماعيـل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، قال : سمعت مـحمد بن كعب القُرظِي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيـم بذبحه من بنـيه إسماعيـل ، وإنا لنـجد ذلك فـي كتاب الله فـي قصة الـخبر عن إبراهيـم وما أُمر به من ذبح ابنه إسماعيـل ، وذلك أن الله يقول ، حين فرغ من قصة الـمذبوح من إبراهيـم ، قال : { وَبَشَّرْناهُ بإسْحاقَ نَبِـيًّا مِنَ الصَّالِـحينَ } يقول : بشَّرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، يقول : بـابن وابن ابن ، فلـم يكن لـيأمره بذبح إسحاق وله فـيه من الله الـموعود ما وعده الله ، وما الذي أُمِر بذبحه إلا إسماعيـل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن الـحسن بن دينار وعمرو بن عبـيد ، عن الـحسن البصري أنه كان لا يشكّ فـي ذلك أن الذي أُمِر بذبحه من ابنـي إبراهيـم : إسماعيـل . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : قال مـحمد بن إسحاق : سمعت مـحمد بن كعب القُرِظيّ يقول ذلك كثـيراً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنـي مـحمد بن إسحاق ، عن بريدة بن سفـيان بن فَرْوة الأسلـمي عن مـحمد بن كعب الْقُرِظيّ ، أنه حدثهم أنه ذَكَر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خـلـيفة ، إذ كان معه بـالشام فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فـيه ، وإنـي لأراه كما هو ثم أرسل إلـى رجل كان عنده بـالشام كان يهودياً ، فأسلـم فحسُن إسلامه ، وكان يرى أنه من علـماء يهود ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك ، فقال مـحمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز ، فقال له عمر : أيّ ابنـي إبراهيـم أُمِر بذبحه ؟ فقال : إسماعيـل والله يا أمير الـمؤمنـين ، وإن يهود لتعلـم بذلك ، ولكنهم يحسُدونكم معشر العرب علـى أن يكون أبـاكم الذي كان من أمر الله فـيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لـما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق ، لأن إسحاق أبوهم ، فـالله أعلـم أيهما كان ، كلّ قد كان طاهراً طيبـاً مطيعاً لربه . حدثنـي مـحمد بن عمار الرازي ، قال : ثنا إسماعيـل بن عبـيد بن أبـي كريـمة ، قال : ثنا عمر بن عبد الرحيـم الـخطابـيّ ، عن عبـيد بن مـحمد العُتبـي من ولد عتبة بن أبـي سفـيان ، عن أبـيه ، قال : ثنـي عبد الله بن سعيد ، عن الصُّنابحي ، قال : كنا عند معاوية بن أبـي سفـيان ، فذكروا الذبـيح إسماعيـل أو إسحاق ، فقال : علـى الـخبـير سقطتـم : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله عُدْ علـيَّ مـما أفـاء الله علـيك يا ابن الذبـيحين فضحك علـيه الصلاة والسلام فقلنا له : يا أمير الـمؤمنـين ، وما الذبـيحان ؟ فقال : إن عبد الـمطلب لـما أُمِر بحفْر زمزم ، نذر الله لئن سَهُل علـيه أمرها لـيذبحنّ أحد ولده ، قال : فخرج السهم علـى عبد الله ، فمنعه أخواله ، وقالوا : افْدِ ابنك بـمئة من الإبل ، ففداه بـمئة من الإبل ، وإسماعيـل الثانـي . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : ثنا ابن جريج ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : الذي فُدِيَ به إسماعيـل ، ويعنـي تعالـى ذكره الكبش الذي فُدِيَ به إسحاق ، والعرب تقول لكلّ ما أُعِدّ للذبح ذِبْح ، وأما الذَّبح بفتـح الذال فهو الفعل . قال أبو جعفر : وأولـى القولـين بـالصواب فـي الـمفْدِيّ من ابنـي إبراهيـم خـلـيـل الرحمن علـى ظاهر التنزيـل قول من قال : هو إسحاق ، لأن الله قال : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } فذكر أنه فَدَى الغلامَ الـحلـيـمَ الذي بُشِّر به إبراهيـم حين سأله أن يهب له ولداً صالـحاً من الصالـحين ، فقال : { رَبّ هَبْ لـي مِنَ الصَّالِـحِينَ } فإذ كان الـمفدِيّ بـالذبح من ابنـيه هو الـمبشَّر به ، وكان الله تبـارك اسمه قد بـين فـي كتابه أن الذي بُشِّر به هو إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، فقال جلّ ثناؤه : { فَبَشَّرْناهُ بإسَحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسحَاقَ يَعْقُوبَ } وكان فـي كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد ، فإنـما هو معنّى به إسحاق ، كان بـيِّناً أن تبشيره إياه بقوله : { فَبَشَّرْناهُ بغُلامٍ حَلِـيـمٍ } فـي هذا الـموضع نـحو سائر أخبـاره فـي غيره من آيات القرآن . وبعد : فإن الله أخبر جلّ ثناؤه فـي هذه الآية عن خـلـيـله أن بشَّره بـالغلام الـحلـيـم عن مسألته إياه أن يهب له من الصالـحين ، ومعلوم أنه لـم يسأله ذلك إلا فـي حال لـم يكن له فـيه ولد من الصالـحين ، لأنه لـم يكن له من ابنـيه إلا إمام الصالـحين ، وغير موهوم منه أن يكون سأل ربه فـي هبة ما قد كان أعطاه ووهبه له . فإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن الذي ذكر تعالـى ذكره فـي هذا الـموضع هو الذي ذكر فـي سائر القرآن أنه بشَّره به وذلك لا شك أنه إسحاق ، إذ كان الـمفديّ هو الـمبشَّر به . وأما الذي اعتلّ به من اعتلّ فـي أنه إسماعيـل ، أن الله قد كان وعد إبراهيـم أن يكون له من إسحاق ابن ابن ، فلـم يكن جائزاً أن يأمره بذبحه مع الوعد الذي قد تقدم فإن الله إنـما أمره بذبحه بعد أن بلغ معه السعي ، وتلك حال غير مـمكن أن يكون قد وُلد لإسحاق فـيها أولاد ، فكيف الواحد ؟ وأما اعتلال من اعتل بأن الله أتبع قصة الـمفديّ من ولد إبراهيـم بقوله : { وَبَشَّرْناهُ بإسحَاقَ نَبِـيًّا } ولو كان الـمفديّ هو إسحاق لـم يبشَّر به بعد ، وقد ولد ، وبلغ معه السعي ، فإن البشارة بنبوّه إسحاق من الله فـيـما جاءت به الأخبـار جاءت إبراهيـم وإسحاق بعد أن فُدِي تكرمة من الله له علـى صبره لأمر ربه فـيـما امتـحنه به من الذبح ، وقد تقدمت الرواية قبلُ عمن قال ذلك . وأما اعتلال من اعتلّ بأن قرن الكبش كان معلقاً فـي الكعبة فغير مستـحيـل أن يكون حُمِل من الشام إلـى مكة . وقد رُوي عن جماعة من أهل العلـم أن إبراهيـم إنـما أُمِر بذبح ابنه إسحاق بـالشام ، وبها أراد ذبحه . واختلف أهل العلـم فـي الذِّبح الذي فُدِي به إسحاق ، فقال بعضهم : كان كبشاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن أبـي الطفـيـل ، عن علـيّ { وَفَديناهُ بِذِبْحِ عَظِيـمٍ } قال : كبش أبـيض أقرن أعين مربوط بسَمُرَة فـي ثَبِـير . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنـي ابن جريج ، عن عطاء بن أبـي ربـاح ، عن ابن عبـاس { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : كبش عبـيد بن عمير : ذُبِح بـالـمَقام ، وقال مـجاهد : ذبح بـمنىً فـي الـمَنْـحَر . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن خثـيـم ، عن سعيد ، عن ابن عبـاس قال : الكبش الذي ذبحه إبراهيـم هو الكبش الذي قرّبه ابن آدم فتقبل منه . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا سيار ، عن عكرمة ، أن ابن عبـاس كان أفتـى الذي جَعَلَ علـيه أن ينـحر نفسه ، فأمره بـمئة من الإبل ، قال : فقال ابن عبـاس بعد ذلك : لو كنت أفتـيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشاً ، فإن الله قال فـي كتابه : { وَفَدَيْناهُ بذِبْحٍ عَظِيـمٍ } . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : ذِبْح كبش . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحَ عَظِيـمٍ } قال : قال ابن عبـاس : التفتَ فإذا كبش ، فأخذه فذبحه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَـير { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : كان الكبش الذي ذبحه إبراهيـم رعى فـي الـجنة أربعين سنة ، وكان كبشاً أملـح ، صوفه مثل العِهْنِ الأحمر . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : بكبش . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن علـية ، قال : أخبرنا لـيث ، قال : قال مـجاهد : الذبح العظيـم : شاة . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد قوله : { بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : بكبش . وحدثنا الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا شريك ، عن لـيث ، عن مـجاهد { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : الذِّبح : الكبش . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قال : التفت ، يعنـي إبراهيـم ، فإذا بكبش ، فأخذوه وخـلَّـى عن ابنه . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الذِّبح العظيـم : الكبش الذي فَدَى الله به إسحاق . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن الـحسن بن دينار ، عن قتادة بن دِعامة ، عن جعفر بن إياس ، عن عبد الله بن العبـاس ، فـي قوله : { وَفَدَيْناهُ بِذبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : خرج علـيه كبش من الـجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين خريفـا ، فأرسل إبراهيـم ابنه واتبع الكبش ، فأخرجه إلـى الـجمرة الأولـى فرمى بسبع حصيات ، فأفلته عنده ، فجاء الـجمرة الوسطى ، فأخرجه عندها ، فرماه بسبع حصيات ، ثم أفلته فأدركه عند الـجمرة الكبرى ، فرماه بسبع حصيات ، فأخرجه عندها ، ثم أخذه فأتـى به الـمنـحَر من مِنَى ، فذبحه فوالذي نفس ابن عبـاس بـيده ، لقد كان أوّل الإسلام ، وإن رأس الكبش لـمعلَّق بقرنـيه عند مِيزاب الكعبة قد حُشّ ، يعنـي يبس . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال ابن إسحاق : ويزعم أهل الكتاب الأول وكثـير من العلـماء أن ذبـيحة إبراهيـم التـي فدى بها ابنه كبش أملـح أقرن أعين . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك فـي قوله : { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : بكبش . وقال آخرون : كان الذبح وَعِلاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا معاوية بن هشام ، عن سفـيان ، عن رجل ، عن أبـي صالـح ، عن ابن عبـاس { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : كان وَعلاً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن عبـيد ، عن الـحسن أنه كان يقول : ما فُدِي إسماعيـل إلا بتـيس من الأرويّ أهبط علـيه من ثبـير . واختلف أهل التأويـل فـي السبب الذي من أجله قـيـل للذِّبح الذي فدى به إسحاق عظيـم ، فقال بعضهم : قـيـل ذلك كذلك ، لأن كان رَعَى فـي الـجنة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن عبد الله بن عيسى ، عن سعيد بن جُبَـير عن ابن عبـاس { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : رعى فـي الـجنة أربعين خريفـاً . وقال آخرون : قـيـل له عظيـم ، لأنه كان ذِبْحاً متقبَّلاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفـيان ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد ، عَظِيـمٍ قال : متقبَّل . حدثنا الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا شريك ، عن لـيث ، عن مـجاهد فـي { وَفَدَيْناهُ بِذبْحٍ عَظِيـمٍ } قال : العظيـم : الـمتقبل . وقال آخرون : قـيـل له عظيـم ، لأنه ذِبْحٌ ذُبِحَ بـالـحقّ ، وذلك ذبحه بدين إبراهيـم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمرو بن عبـيد ، عن الـحسن أنه كان يقول : ما يقول الله { وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيـمٍ } لذبـيحته التـي ذبح فقط ، ولكنه الذَّبح علـى دينه ، فتلك السُّنة إلـى يوم القـيامة ، فـاعلـموا أن الذبـيحة تدفع مِيتة السَّوء ، فضحُّوا عبـاد الله . قال أبو جعفر : ولا قول فـي ذلك أصحّ مـما قال الله جلّ ثناؤه ، وهو أن يقال : فداه الله بذِبح عظيـم ، وذلك أن الله عمّ وصفه إياه بـالعظم دون تـخصيصه ، فهو كما عمه به . وقوله : { وَتَرَكْنا عَلَـيْهِ فِـي الآخِرِينَ } يقول تعالـى ذكره : وأبقـينا علـيه فـيـمن بعده إلـى يوم القـيامة ثناءً حسناً ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَتَرَكْنا عَلَـيْهِ فِـي الآخِرِينَ } قال : أبقـى الله علـيه الثناء الـحسن فـي الآخرين . حدثنـي يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَتَرَكْنا عَلَـيْهِ فِـي الآخِرِينَ } قال : سأل إبراهيـمُ ، فقال : { وَاجْعَلْ لِـي لِسَانَ صِدْقٍ فـي الآخِرِينَ } قال : فترك الله علـيه الثناء الـحسن فـي الآخرِين ، كما ترك اللسانَ السَّوْء علـى فرعون وأشبـاهه كذلك ترك اللسان الصدق والثناء الصالـح علـى هؤلاء . وقـيـل : معنى ذلك : وتركنا علـيه فـي الآخرين السلام ، وهو قوله : { سَلامٌ علـى إبْرَاهِيـمَ } ، وذلك قول يُرْوى عن ابن عبـاس تركنا ذكره لأن فـي إسناده من لـم نستـجز ذكره وقد ذكرنا الأخبـار الـمروية فـي قوله : { وَتَرَكْنا عَلَـيْهِ فِـي الآخِرِينَ } فـيـما مضى قبل . وقـيـل : معنى ذلك : وتركنا علـيه فـي الآخرين أن يقال : سلام علـى إبراهيـم . وقوله : { سَلامٌ علـى إبْرَاهِيـمَ } يقول تعالـى ذكره : أَمَنة من الله فـي الأرض لإبرايهم أن لا يذكر من بعده إلا بـالـجميـل من الذكر . وقوله : { كَذَلَكَ نَـجْزِي الـمُـحْسِنِـينَ } يقول : كما جزينا إبراهيـم علـى طاعته إيانا وإحسانه فـي الانتهاء إلـى أمرنا ، كذلك نـجزي الـمـحسنـين { إنَّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُؤْمِنـينَ } يقول : إن إبراهيـم من عبـادنا الـمخـلِصين لنا الإيـمان .