Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 103-106)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : فلـما أسلـما أمرهما لله وفوّضاه إلـيه واتفقا علـى التسلـيـم لأمره والرضا بقضائه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي سلـيـمان بن عبد الـجبـار ، قال : ثنا ثابت بن مـحمد ، وحدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مسلـم بن صالـح ، قالا : ثنا عبد الله بن الـمبـارك ، عن إسماعيـل بن أبـي خالد ، عن أبـي صالـح ، فـي قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما } قال : اتفقا علـى أمر واحد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الـحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة ، قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } قال : أسلـما جميعاً لأمر الله ورضي الغلام بـالذبح ، ورضي الأب بأن يذبحه ، فقال : يا أبت اقذفنـي للوجه كيلا تنظر إلـيّ فترحمنـي ، وأنظر أنا إلـى الشفرة فأجزع ، ولكن أدخـل الشفرة من تـحتـي ، وامض لأمر الله ، فذلك قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } فلـما فعل ذلك { نَادَيْناهُ أنْ يا إبْرَاهِيـمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إنَّا كَذلكَ نَـجْزِي الـمُـحْسِنِـينَ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَلَـمَّا أسْلَـما } قال : أسلـم هذا نفسه الله ، وأسلـم هذا ابنه لله . حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما } قال : أسلـما ما أمرا به . حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ فَلَـمَّا أسْلَـما يقول : أسلـما لأمر الله . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق { فَلَـمَّا أَسْلَـما } : أي سلـم إبراهيـم لذبحه حين أمر به وسلـم ابنه للصبر علـيه ، حين عرف أن الله أمره بذلك فـيه . وقوله : { وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } يقول : وصَرَعَه للـجَبِـين ، والـجبـينان ما عن يـمين الـجبهة وعن شمالها ، وللوجه جبـينان ، والـجبهة بـينهما . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى : وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } قال : وضع وجهه للأرض ، قال : لا تذبحنـي وأنت تنظر إلـى وجهي عسى أن ترحمنـي ، ولا تـجهز علـيّ ، اربط يديّ إلـى رقبتـي ثم ضع وجهي للأرض . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } : أي وكبَّه لفـيه وأخذ الشَّفرة { وَنادَيْناهُ أنْ يا إبْراهِيـمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرؤْيا } حتـى بلغ { وَفَدَيْناهُ بذِبْحٍ عَظِيـمٍ } حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { وَتَلَّهُ للْـجَبِـينِ } قال : أكَبَّه علـى جبهته . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { وَتَلَّهُ للْـجَبِـين } قال : جبـينه ، قال : أخذ جبـينه لـيذبحه . حدثنا ابن سنان ، قال : ثنا حجاج ، عن حماد ، عن أبـي عاصم الغَنَوِيّ عن أبـي الطُّفَـيـل ، قال : قال ابن عبـاس : إن إبراهيـم لـما أُمر بـالـمناسك عرض له الشيطان عند الـمسعَى فسابقه ، فسبقه إبراهيـم ، ثم ذهب به جبريـل إلـى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حَصَيات حتـى ذهب ، ثم عرض له عند الـجمرة الوُسْطَى ، فرماه بسبع حَصيات حتـى ذهب ، ثم تلَّه للـجَبـين ، وعلـى إسماعيـل قَميص أبـيض ، فقال له : يا أبت إنه لـيس لـي ثوب تكفننـي فـيه غير هذا ، فـاخـلعه حتـى تكفننـي فـيه ، فـالتفت إبراهيـم فإذا هو بكبش أَعْيَن أَبـيض فذبحه ، فقال ابن عبـاس : لقد رأيتنا نتبع هذا الضرب من الكِبـاش . وقوله : { وَنادَيْناهُ أنْ يا إبْراهِيـمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرؤْيا } وهذا جواب قوله : { فَلَـمَّا أسْلَـما } ومعنى الكلام : فلـما أسلـما وتلَّه للـجبـين ، وناديناه أن يا إبراهيـم وأدخـلت الواو فـي ذلك كما أدخـلت فـي قوله : { حتـى إذا جاءُوها وَفُتِـحَتْ أبْوابُها } وقد تفعل العرب ذلك فتدخـل الواو فـي جواب فلـما ، وحتـى وإذا تلقـيها . ويعنـي بقوله : { قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا } التـي أريناكها فـي منامك بأمرناك بذبح ابنك . وقوله : { إنِّا كَذلكَ نَـجْزِي الـمُـحْسِنِـينَ } يقول : إنا كما جَزَيْناك بطاعتنا يا إبراهيـم ، كذلك نـجزى الذين أحسنوا ، وأطاعوا أمرنا ، وعملوا فـي رضانا . وقوله : { إنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ الـمُبِـينُ } : يقول تعالـى ذكره : إن أمرنا إياك يا إبراهيـم بذبح ابنك إسحاق ، لهو البلاء ، يقول : لهو الاختبـار الذي يبـين لـمن فكَّر فـيه أنه بلاء شديد ومـحْنة عظيـمة . وكان ابن زيد يقول : البلاء فـي هذا الـموضع الشرّ ولـيس بـاختبـار . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ الـمُبِـينُ } قال : هذا فـي البلاء الذي نزل به فـي أن يذبح ابنه . { صدّقت الرؤيا } : ابتلـيتَ ببلاء عظيـم أمرت أن تذبح ابنك ، قال : وهذا من البلاء الـمكروه وهو الشرّ ولـيس من بلاء الاختبـار .