Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 11-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : فـاستفت يا مـحمد هؤلا الـمشركين الذي يُنكرون البعث بعد الـمـمات والنشور بعد البلاء : يقول : فسَلْهم : أهم أشدّ خـلقاً ؟ يقول : أخـلقُهم أشدّ ؟ أم يخـلق من عددنا خـلقه من الـملائكة والشياطين والسموات والأرض ؟ وذُكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله بن مسعود : « أهُمْ أشَدُّ خَـلْقاً أمْ مَنْ عَدَدْنا » ؟ . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { أهُمْ أشَدُّ خَـلْقاً أمْ مَنْ خَـلَقْنا } ؟ قال : السموات والأرض والـجبـال . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، عن الضحاك أنه قرأ : « أهُمْ أشَدُّ خَـلْقاً أمْ مَنْ عَدَدْنا » ؟ . وفـي قراءة عبد الله بن مسعود « عَدَدْنا » يقول : { رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَـيْنَهُما وَرَبُّ الـمَشارِقِ } يقول : أهم أشدّ خـلقاً ، أم السموات والأرض ؟ يقول : السموات والأرض أشدّ خـلقاً منهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة « فـاسْتَفْتِهِمْ أهُمْ أشَدُّ خَـلْقاً أمْ مَنْ عَدَدْنا » من خَـلْق السموات والأرض ، قال الله : { لَـخَـلَقُ السَّمَواتِ والأرْضِ أكْبَرُ مِنْ خَـلْقِ النَّاسِ } الآية . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فـاسْتَفْتِهِمْ أهُمْ أشَدُّ خَـلْقاً } قال يعنـي الـمشركين ، سلهم أهم أشدّ خـلقاً { أمْ مَنْ خَـلَقْنا } . وقوله : { إنَّا خَـلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } يقول : إنا خـلقناهم من طين لاصق . وإنـما وصفه جلّ ثناؤه بـاللٌّزوب ، لأنه تراب مخـلوط بـماء ، وكذلك خَـلْق ابن آدم من تراب وماء ونار وهواء والتراب إذا خُـلط بـماء صار طيناً لازبـاً ، والعرب تُبدل أحياناً هذه البـاء ميـماً ، فتقول : طين لازم ومنه قول النـجاشي الـحارثـي : @ بَنَى اللُّؤْمُ بَـيْتاً فـاسْتَقَرَّتْ عِمادُهُ علـيكُمْ بَنِـي النَّـجَّارِ ضَرْبَةَ لازِمِ @@ ومن اللازب قول نابغة بنـي ذُبـيان : @ وَلا يَحْسِبُونَ الـخَيْرَ لا شَرَّ بَعْدهُ وَلا يَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لازِبِ @@ وربـما أبدلوا الزاي التـي فـي اللازب تاء ، فـيقولون : طين لاتب ، وذُكر أن ذلك فـي قَـيس زعم الفراء أن أبـا الـجرّاح أنشده : @ صُدَاعٌ وَتَوْصِيـمُ العِظامِ وَفَتْرَةٌ وَغَثْـيٌ معَ الإشْراقِ فـي الـجوْفِ لاتِبَ @@ بـمعنى : لازم ، والفعل من لازب : لَزِبَ يَـلْزُب ، لزْبـاً ولُزوبـاً ، وكذلك من لاتب : لَتَبَ يَـلْتُب لُتُوبـاً . وبنـحو الذي قلنا فـي معنى { لازِبِ } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي عبـيد الله بن يوسف الـجُبَـيري ، قال : ثنا مـحمد بن كثـير ، قال : ثنا مسلـم ، عن مـجاهد ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { مِنْ طِينٍ لازِبٍ } قال : هو الطين الـحرّ الـجيد اللزج . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن مسلـم البطين ، عن سعيد ، عن ابن عبـاس ، قال : اللازب : الـجيد . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمارة ، عن أبـي رَوْق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس قال : اللازب : اللَّزج ، الطيب . حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { مِنْ طِينٍ لازِبٍ } يقول : ملتصق . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّا خَـلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } قال : من التراب والـماء فـيصير طيناً يَـلْزَق . حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، فـي قوله : { إنَّا خَـلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } قال : اللازب : اللَّزِج . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبـيد بن سلـيـمان ، عن الضحاك { إنَّا خَـلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } واللازب : الطين الـجيد . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله : { إنَّا خَـلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } واللازب : الذي يَـلْزَق بـالـيد . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { مِنْ طِينٍ لازِبٍ } قال : لازم . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد الآمُلـي ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، قال : ثنا جُوَيبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { مِن طِينٍ لازِبٍ } قال : هو اللازق . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { إنَّا خَـلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ } قال : اللازب : الذي يـلتصق كأنه غِراء ، ذلك اللازب . قوله : { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة : « بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ » بضم التاء من عجبت ، بـمعنى : بل عظم عندي وكبر اتـخاذهم لـي شريكاً ، وتكذيبهم تنزيـلـي وهم يسخرون . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة { بَلْ عَجِبْتَ } بفتـح التاء بـمعنى : بل عجبت أنت يا مـحمد ويسخرون من هذا القرآن . والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان فـي قرّاء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . فإن قال قائل : وكيف يكون مصيبـاً القارىء بهما مع اختلاف معنـيـيهما ؟ قـيـل : إنهما وإن اختلف معنـياهما فكلّ واحد من معنـيـيه صحيح ، قد عجب مـحمد مـما أعطاه الله من الفضل ، وسحْر منه أهل الشرك بـالله ، وقد عجب ربنا من عظيـم ما قاله الـمشركون فـي الله ، وَسخِر الـمشركون بـما قالوه . فإن قال : أكان التنزيـل بإحداهما أو بكلتـيهما ؟ قـيـل : التنزيـل بكلتـيهما ، فإن قال : وكيف يكون تنزيـل حرف مرّتـين ؟ قـيـل : إنه لـم ينزل مرّتـين ، إنـما أنزل مرّة ، ولكنه أمر صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بـالقراءتـين كلتـيهما ، ولهذا مَوضع سنستقصي إن شاء الله فـيه البـيان عنه بـما فـيه الكفـاية . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } قال : عجب مـحمد علـيه الصلاة والسلام من هذا القرآن حين أُعطيه ، وسخر منه أهل الضلالة .