Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 130-132)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : أمنة من الله لآل ياسين . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : { سَلامٌ عَلـى إلْـياسِينَ } فقرأته عامة قرّاء مكة والبصرة والكوفة : { سَلامٌ عَلـى إلْـياسِينَ } بكسر الألف من إلـياسين ، فكان بعضهم يقول : هو اسم إلـياس ، ويقول : إنه كان يُسمى بـاسمين : إلـياس ، وإلـياسين مثل إبراهيـم ، وإبراهام يُستشهد علـى ذلك أن ذلك كذلك بأن جميع ما فـي السورة من قوله : { سَلامٌ } فإنه سلام علـى النبـيّ الذي ذكر دون آله ، فكذلك إلـياسين ، إنـما هو سلام علـى إلـياس دون آله . وكان بعض أهل العربـية يقول : إلـياس : اسم من أسماء العبرانـية ، كقولهم : إسماعيـل وإسحاق ، والألف واللام منه ، ويقول : لو جعلته عربـياً من الإلس ، فتـجعله إفعالاً ، مثل الإخراج ، والإدخال أُجْرِي ويقول : قال : سلام علـى إلـياسين ، فتـجعله بـالنون ، والعَجَمِيّ من الأسماء قد تفعل به هذا العرب ، تقول : ميكال وميكائيـل وميكائين ، وهي فـي بنـي أسد تقول : هذا إسماعين قد جاء ، وسائر العرب بـاللام قال : وأنشدنـي بعض بنـي نُـمير لضبّ صادَهُ : @ يَقُولُ رَبُّ السُّوقِ لَـمَّا جِينا هَذَا وَرَبّ البَـيْتِ إسْرَائِينا @@ قال : فهذا كقوله : إلـياسين قال : وإن شئت ذهبت بإلـياسين إلـى أن تـجعله جمعاً ، فتـجعل أصحابه داخـلـين فـي اسمه ، كما تقول لقوم رئيسهم الـمهلب : قد جاءتكم الـمهالبة والـمهلبون ، فـيكون بـمنزلة قولهم الأشعرين بـالتـخفـيف ، والسعدين بـالتـخفـيف وشبهه ، قال الشاعر : @ أنا ابْنُ سَعْدٍ سَيِّدٍ السَّعْدِيْنَا @@ قال : وهو فـي الاثنـين أن يضمّ أحدهما إلـى صاحبه إذا كان أشهر منه اسماً كقول الشاعر : @ جَزَانِـي الزَّهْدَمانِ جَزاءَ سَوْءٍ وكُنتُ الـمَرْءَ يُجْزَى بـالكَرَامَهْ @@ واسم أحدهما : زهدم وقال الآخر : @ جَزَى اللّهُ فِـيها الأعْوَرَيْنِ ذَمامَةً وَفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ الـمُتَضَاجِمِ @@ واسم أحدهما أعور . وقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة : « سَلاَمٌ عَلـى آلِ ياسِينَ » بقطع آل من ياسين ، فكان بعضهم يتأوّل ذلك بـمعنى : سلام علـى آل مـحمد . وذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ قوله : { وَإنَّ إلْـياسَ } بترك الهمز فـي إلـياس ويجعل الألف واللام داخـلتـين علـى « ياس » للتعريف ، ويقول : إنـما كان اسمه « ياس » أدخـلت علـيه ألف ولام ثم يقرأ علـى ذلك » « سلام علـى الْـياسين » . والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا قراءة من قرأه : { سَلامٌ عَلـى إلْـياسِينَ } بكسر ألفها علـى مثال إدراسين ، لأن الله تعالـى ذكره إنـما أخبر عن كلّ موضع ذكر فـيه نبـياً من أنبـيائه صلوات الله علـيهم فـي هذه السورة بأن علـيه سلاماً لا علـى آله ، فكذلك السلام فـي هذا الـموضع ينبغي أن يكون علـى إلـياس كسلامه علـى غيره من أنبـيائه ، لا علـى آله ، علـى نـحو ما بـيَّنا من معنى ذلك . فإن ظنّ ظانّ أن إلـياسين غير إلـياس ، فإن فـيـما حكينا من احتـجاج من احتـجّ بأن إلـياسين هو إلـياس غنـي عن الزيادة فـيه ، مع أن فـيـما : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السدي { سَلامٌ عَلـى إلْـياسِينَ } قال : إلـياس . وفـي قراءة عبد الله بن مسعود : « سَلامٌ عَلـى إدْرَاسِينَ » دلالة واضحة علـى خطأ قول من قال : عنى بذلك سلام علـى آل مـحمد ، وفساد قراءة من قرأ : « وإنَّ الـياسَ » بوصل النون من « إن » بـالـياس ، وتوجيه الألف واللام فـيه إلـى أنهما أدخـلتا تعريفـاً للاسم الذي هو ياس ، وذلك أن عبد الله كان يقول : إلـياس هو إدريس ، ويقرأ : « وَإنَّ إدْرِيسَ لَـمِنَ الـمُرْسَلِـينَ » ، ثم يقرأ علـى ذلك : « سلامٌ عَلـى إدْرَاسِينَ » ، كما قرأ الآخرون : { سَلامٌ عُلـى إلـياسِينَ } ، فلا وجه علـى ما ذكرنا من قراءة عبد الله لقراءة من قرأ ذلك : « سَلامٌ عَلـى آلِ ياسِينَ » بقطع الآل من ياسين . ونظير تسمية إلـياس بـالـياسين : { وَشَجَرَةٌ تُـخْرُجُ مِنْ طُورِ سِيناءَ } ثم قال فـي موضع آخر : { وَطُورِ سِينِـينَ } وهو موضع واحد سمي بذلك . وقوله : { إنَّا كَذلكَ نَـجْزِي الـمُـحْسِنـيِنَ } يقول تعالـى ذكره : إنا هكذا نـجزي أهل طاعتنا والـمـحسنـين أعمالاً . وقوله : { إنَّه مِنْ عِبـادِنا الـمُؤْمِنِـينَ } يقول : إن إلـياس عبد من عبـادنا الذين آمنوا ، فوحَّدونا ، وأطاعونا ، ولـم يُشركوا بنا شيئاً .