Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 143-146)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { فَلَوْلا أنَّهُ } يعنـي يونس { كانَ مِنَ } الـمُصَلِّـين لله قبل البلاء الذي ابتُلـي به من العقوبة بـالـحبس فـي بطن الـحوت { لَلَبِثَ فِـي بَطْنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } يقول : لبِقـي فـي بطن الـحوت إلـى يوم القـيامة ، يوم يبعث الله فـيه خـلقه مـحبوساً ، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء ، فذكره الله فـي حال البلاء ، فأنقذه ونـجَّاه . وقد اختلف أهل التأويـل فـي وقت تسبـيح يونس الذي ذكره الله به ، فقال { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـي ذلك ، وقالوا مثل قولنا فـي معنى قوله : { مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قا : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } كان كثـير الصَّلاةِ فـي الرّخاء ، فنـجَّاه الله بذلك قال : وقد كان يقال فـي الـحكمة : إن العمل الصالـح يرفع صاحبه إذا ما عَثَر ، فإذا صُرِع وَجد متكأً . حدثنـي يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَـية ، عن بعض أصحابه ، عن قتادة ، فـي قوله : { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحينَ } قال : كان طويـل الصلاة فـي الرخاء قال : وإنّ العمل الصالـح يرفع صاحبه إذا عثر ، وإذا صرع وجد متكأً . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا أبو صخر ، أن يزيد الرَّقاشي ، حدّثه ، قال : سمعت أنس بن مالك ، قال : ولا أعلـم إلا أن أنساً يرفع الـحديث إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " أنَّ يُونُسَ النَّبِـيّ حِينَ بَدَا لَهُ أنْ يَدْعُوَ اللّهَ بـالكَلِـماتِ حِينَ نادَاهُ وَهُوَ فِـي بَطْنِ الـحُوتِ ، فَقالَ : اللَّهُمَّ لا إلهَ إلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ الظَّالِـمِين ، فأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَـحْتَ العَرْشِ ، فَقالَتِ الـمَلائِكَةُ : يا رَبّ هَذا صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ فِـي بِلادٍ غَرِيبَةٍ ، قال : أما تَعْرَفُونَ ذلكَ ؟ قالَوا يا رَبّ وَمَنْ هُوَ ؟ قالَ : ذلكَ عَبْدي يُونُسُ ، قالُوا : عَبْدُكَ يُونُسُ الَّذي لَـمْ يَزلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبِلٌ وَدَعْوَةٌ مُسْتَـجابَةٌ ، قالُوا : يا رَبّ أوَلا يُرْحَمُ بِـمَا كانَ يَصْنَعُ فِـي الرَّخاءِ فَتُنَـجِّيهِ مِنَ البَلاءِ ؟ قالَ : بَلـى ، فأمَرَ الـحُوتَ فَطَرَحَهُ بـالعَرَاءِ " . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن عاصم ، عن أبـي رزين ، عن ابن عبـاس { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } قال : من الـمصلِّـين . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي الهيثم ، عن سعيد بن جُبَـير { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } قال : من الـمصلِّـين . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن أبـي جعفر ، عن الربـيع بن أنس ، عن أبـي العالـية { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } قال : كان له عمل صالـح فـيـما خلا . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } قال : الـمصلـين . حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا كثـير بن هشام ، قال : ثنا جعفر ، قال : ثنا ميـمون بن مهران ، قال : سمعت الضحاك بن قـيس يقول علـى منبره : اذكروا الله فـي الرخاء يذكركم فـي الشدّة ، إن يونس كان عبداً لله ذاكراً ، فلـما أصابته الشدّة دعا الله فقال الله : { لَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ لَلَبثَ فِـي بَطْنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } فذكره الله بـما كان منه ، وكان فرعون طاغياً بـاغياً { فَلَـمَّا أدْرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيـلَ وأنا مِنَ الـمُسْلِـمينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيتَ قَبْلُ وكُنْتُ مِنَ الـمُفْسِدِينَ } قال الضحاك : فـاذكروا الله فـي الرخاء يذكركم فـي الشدّة . قال أبو جعفر : وقـيـل : إنـما أحدث الصلاة التـي أخبر الله عنه بها ، فقال : { فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } فـي بطن الـحوت . وقال بعضهم : كان ذلك تسبـيحاً ، لا صلاة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا عمران القطان ، قال : سمعت الـحسن يقول فـي قوله : { فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ الـمُسَبِّحِينَ } قال : فوالله ما كانت إلا صلاة أحدثها فـي بطن الـحوت قال عمران : فذكرت ذلك لقتادة ، فأنكر ذلك وقال : كان والله يكثر الصلاة فـي الرخاء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن الـمغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جُبَـير : { فـالْتَقَمَهُ الـحُوتُ وَهُوَ مُلِـيـمٌ } قال : { قال لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ الظَّالِـمِينَ } فلـما قالها ، قذفه الـحوت ، وهو مغرب . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَلَبِثَ فِـي بَطْنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } : لصار له بطن الـحوت قبراً إلـى يوم القـيامة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن السديّ ، عن أبـي مالك ، قال : لبث يونس فـي بطن الـحوت أربعين يوماً . وقوله : { فَنَبَذْناهُ بـالعَرَاءِ } يقول : فقذفناه بـالفضاء من الأرض ، حيث لا يواريه شيء من شجر ولا غيره ومنه قول الشاعر : @ وَرَفَعْتُ رِجْلاً لا أخافُ عِثارَها وَنَبَذْتُ بـالبَلَدِ العَرَاءِ ثِـيابِـي @@ يعنـي بـالبلد : الفضاء . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنـي أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فَنَبَذْناهُ بـالعَرَاءِ } يقول : ألقـيناه بـالساحل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَنَبَذْناهُ بـالعَرَاءِ } بأرض لـيس فـيها شيء ولا نبـات . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { بـالعَراءِ } قال : بـالأرض . وقوله : { وَهُوَ سَقِـيـمٌ } يقول : وهو كالصبـيّ الـمنفوس : لـحم نـيء ، كما : حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { وَهُوَ سَقِـيـمٌ } كهيئة الصبـيّ . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبـي سلـمة ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، قال : خرج به ، يعنـي الـحوت ، حتـى لفظه فـي ساحل البحر ، فطرحه مثل الصبـيّ الـمنفوس ، لـم ينقص من خـلقه شيء . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : ما لَفَظه الـحوت حتـى صار مثل الصبـيّ الـمنفوس ، قد نشر اللـحم والعظم ، فصار مثل الصبـيّ الـمنفوس ، فألقاه فـي موضع ، وأنبت الله علـيه شجرة من يقطين . وقوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } يقول تعالـى ذكره : وأنبتنا علـى يونس شجرة من الشجر التـي لا تقوم علـى ساق ، وكل شجرة لا تقوم علـى ساق كالدُّبـاء والبِطِّيخ والـحَنْظَل ونـحو ذلك ، فهي عند العرب يَقْطِين . واختلف أهل التأويـل فـي ذلك ، فقال بعضهم نـحو الذي قلنا فـي ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، عن القاسم بن أبـي أيوب ، عن سعيد بن جُبَـيْر ، فـي قوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : هو كلّ شيء ينبت علـى وجه الأرض لـيس له ساق . حدثنـي مطر بن مـحمد الضبـي ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبـي أيوب ، عن سعيد بن جُبَـير ، فـي قوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : كلّ شيء ينبت ثم يـموت من عامه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، عن سعيد بن جُبَـير ، عن ابن عبـاس ، قال : { شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } فقالوا عنده : القرع قال : وما يجعله أحقّ من البطيخ . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : غير ذات أصل من الدُّبَّـاء ، أو غيره من نـحوه . وقال آخرون : هو القرع . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . حدثنا مـحمد بن الـمثنى ، قال : ثنا مـحمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي إسحاق ، عن عمرو بن ميـمون ، عن عبد الله ، أنه قال فـي هذه الآية : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . حدثنـي مطر بن مـحمد الضبـيّ ، قال : ثنا عبد الله بن داود الواسطي ، قال : ثنا شريك ، عن أبـي إسحاق عن عمرو بن ميـمون الأودي ، فـي قوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } : كنَّا نـحدَّث أنها الدُّبَّـاء ، هذا القرع الذي رأيتـم أنبتها الله علـيها يأكل منها . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنـي أبو صخر ، قال : ثنـي ابن قسيط ، أنه سمع أبـا هُرَيرة يقول : طرح بـالعراء ، فأنبت الله علـيه يقطينة ، فقلنا : يا أبـا هريرة وما الـيقطينة ؟ قال : الشجرة الدُّبَّـاء ، هيأ الله له أروية وحشية تأكل من خَشاش الأرض أو هَشاش فتفشح علـيه فترويه من لبنها كلّ عشية وبكرة حتـى نبت . وقال ابن أبـي الصلت قبل الإسلام فـي ذلك بـيتاً من شعر : @ فأَنْبَتَ يَقْطِيناً عَلَـيْهِ برَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لَوْلا اللّهُ أُلْفِـيَ ضَاحِيا @@ حدثنـي يحيى بن طلـحة الـيربوعي ، قال : ثنا فضيـل بن عياض ، عن مغيرة فـي قوله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . حُدثت عن الـحسين ، قال : سمعت أبـا معاذ يقول : أخبرنا عبـيد ، قال : سمعت الضحاك يقول فـي قوله : { شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : أنبت الله علـيه شجرة من يقطين قال : فكان لا يتناول منها ورقة فـيأخذها إلا أروته لبناً ، أو قال : شرب منها ما شاء حتـى نبت . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : هو القرع ، والعرب تسميه الدُّبّـاء . حدثنا عمرو بن عبد الـحميد ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن ورقاء ، عن سعيد بن جُبَـير فـي قول الله : { وأنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : هو القرع . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مـجاهد ، قوله : { وأَنْبَتْنا عَلَـيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } قال : القرع . وقال آخرون : كان الـيقطين شجرة أظلَّت يونس . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ثابت بن يزيد ، عن هلال بن خبـاب ، عن سعيد بن جُبَـير ، قال : الـيقطين : شجرة سماها الله يقطيناً أظلته ، ولـيس بـالقرّع . قال : فِـيـما ذكر أرسل الله علـيه دابة الأرض ، فجعلت تقرض عروقها ، وجعل ورقها يتساقط حتـى أفضت إلـيه الشمس وشكاها ، فقال : يا يونس جزعت من حرّ الشمس ، ولـم تـجزع لـمئة ألف أو يزيدون تابوا إلـيّ ، فتبت علـيهم ؟