Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-29)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : { وَما خَـلَقْنا السَّماءَ والأرْضَ وَما بَـيْنَهُما } عبثاً ولهواً ، ما خـلقناهما إلاَّ لـيُعمل فـيهما بطاعتنا ، ويُنتهى إلـى أمرنا ونهينا ، { ذلكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا } يقول : أي ظنّ أنا خـلقنا ذلك بـاطلاً ولعبـا ، ظنّ الذين كفروا بـالله فلـم يوحِّدوه ، ولـم يعرفوا عظمته ، وأنه لا ينبغي أن يَعْبَث ، فـيتـيقنوا بذلك أنه لا يخـلق شيئاً بـاطلاً { فَوَيْـلٌ للَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ } يعنـي : من نار جهنـم . وقوله : { أمْ نَـجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحاتِ كالـمُفْسِدِينَ فِـي الأرْضِ } يقول : أنـجعل الذين صدّقوا الله ورسوله وعملوا بـما أمر الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه { كالـمُفْسِدينَ فِـي الأرْضِ } يقول : كالذين يشركون بـالله ويعصُونه ويخالفون أمره ونهيه { أمْ نَـجْعَلُ الـمُتَّقِـينَ } يقول : الذين اتقوا الله بطاعته وراقبوه ، فحذروا معاصيه { كالفُجَّارِ } يعنـي : كالكفـار الـمنتهكين حرمات الله . وقوله : { كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَـيْكَ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : وهذا القرآن { كِتَابٌ أنْزَلْناهُ إلَـيْكَ } يا مـحمد { مُبَـارَكٌ لِـيَدَّبَّرُوا آياتِهِ } يقول : لـيتدبَّروا حُجَج الله التـي فـيه ، وما شرع فـيه من شرائعه ، فـيتعظوا ويعملوا به . واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك ، فقرأته عامة القرّاء : { لِـيَدَّبَّرُوا } بـالـياء ، يعنـي : لـيتدبَّر هذا القرآن من أرسلناك إلـيه من قومك يا مـحمد . وقرأه أبو جعفر وعاصم « لِتَدَّبَّرُوا آياتِهِ » بـالتاء ، بـمعنى : لتتدبره أنت يا مـحمد وأتبـاعك . وأولـى القراءتـين عندنا بـالصواب فـي ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا الـمعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب { وَلـيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَـابِ } يقول : ولـيعتبر أولو العقول والـحِجَا ما فـي هذا الكتاب من الآيات ، فـيرتدعوا عما هم علـيه مقـيـمين من الضلالة ، وينتهوا إلـى ما دلهم علـيه من الرشاد وسبـيـل الصواب . وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله : { أُولُوا الأَلْبـابِ } قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { أُولُوا الأَلْبـاب } قال : أولو العقول من الناس . وقد بـيَّنا ذلك فـيـما مضى قبل بشواهده ، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع .