Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 30-33)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره { وَوَهْبَنا لدَاوُدَ سُلَـيْـمانَ } ابنه ولداً { نَعْمَ العَبْدُ } يقول : نعم العبد سلـيـمان { إنَّهُ أوَّابٌ } يقول : إنه رجاع إلـى طاعة الله توّاب إلـيه مـما يكرهه منه . وقـيـل : إنه عُنِـي به أنه كثـير الذكر لله والطاعة . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس { نِعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ } قال : الأوّاب : الـمسبِّح . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { نَعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ } قال : كان مطيعاً لله كثـير الصلاة . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { نَعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ } قال : الـمسبِّح . والـمسبِّح قد يكون فـي الصلاة والذكر . وقد بـيَّنا معنى الأوّاب ، وذكرنا اختلاف أهل التأويـل فـيه فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته هاهنا . وقوله : { إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصَّافناتُ الـجِيادُ } يقول تعالـى ذكره : إنه توّاب إلـى الله من خطيئته التـي أخطأها ، إذ عرض علـيه بـالعشيّ الصافنات فإذ من صلة أوّاب ، والصافنات : جمع الصافن من الـخيـل ، والأنثى : صافنة ، والصافن منها عند بعض العرب : الذي يجمع بـين يديه ، ويثنـي طرف سُنْبك إحدى رجلـيه ، وعند آخرين : الذي يجمع يديه . وزعم الفراء أن الصافن : هو القائم ، يقال منه : صَفَنَتِ الـخيـلُ تَصْفِن صُفُوناً . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { الصَّافِناتُ الـجِيادُ } قال : صُفُون الفرس : رَفْعُ إحدى يديه حتـى يكون علـى طرف الـحافر . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : صَفَنَ الفرسُ : رفع إحدى يديه حتـى يكون علـى طرف الـحافر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصَّافِناتُ الـجِيادُ } يعنـي : الـخيـل ، وصُفونها : قـيامها وبَسْطها قوائمها . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : الصافنات ، قال : الـخيـل . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، فـي قوله : { الصَّافِناتُ الـجِيادُ } قال : الـخيـل أخرجها الشيطان لسلـيـمان ، من مَرْج من مروج البحر . قال : الـخيـل والبغال والـحمير تَصْفِن ، والصَّفْن أن تقول علـى ثلاث ، وترفع رجلاً واحدة حتـى يكون طرف الـحافر علـى الأرض . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الصافنات : الـخيـل ، وكانت لها أجنـحة . وأما الـجياد ، فإنها السِّراع ، واحدها : جواد ، كما : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : الـجياد : قال : السِّراع . وذُكر أنها كانت عشرين فرساً ذوات أجنـحة . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـيه ، عن إبراهيـم التـيـمي ، فـي قوله : { إذْ عُرِضَ عَلَـيْهِ بـالعَشِيّ الصَّافِناتُ الـجِيادُ } قال : كانت عشرين فرساً ذات أجنـحة . وقوله : { فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّـي حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ } وفـي هذا الكلام مـحذوف استغنـي بدلالة الظاهر علـيه من ذكره : فَلهِيَ عن الصلاة حتـى فـاتته ، فقال : إنـي أحببت حبّ الـخير . ويعنـي بقوله : { فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ } : أي أحببت حبـاً للـخير ، ثم أضيف الـحبّ إلـى الـخير ، وعنى بـالـخير فـي هذا الـموضع الـخيـل والعرب فـيـما بلغنـي تسمي الـخيـل الـخير ، والـمال أيضاً يسمونه الـخير . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، { فَقالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ } : أي الـمال والـخيـل ، أو الـخير من الـمال . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن السُدِّيّ { قالَ إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ } قال : الـخيـل . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ } قال : الـمال . وقوله : { عَنْ ذِكْرِ رَبّـي } يقول : إنـي أحببت حبّ الـخير حتـى سهوت عن ذكر ربـي وأداء فريضته . وقـيـل : إن ذلك كان صلاة العصر . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { عَنْ ذِكْر رَبّـي } عن صلاة العصر . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { عَنْ ذِكْرِ رَبّـي } قال : صلاة العصر . حدثنا مـحمد بن عبد الله بن عبد الـحكم ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا حيوة بن شريح ، قال : ثنا أبو صخر ، أنه سمع أبـا معاوية البجلـي من أهل الكوفة يقول : سمعت أبـا الصَّهبـاء البكري يقول : سألت علـيّ ابن أبـي طالب ، عن الصلاة الوسطى ، فقال : هي العصر ، وهي التـي فتن بها سلـيـمان بن داود . وقوله : { حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ } يقول : حتـى توارت الشمس بـالـحجاب ، يعنـي : تغيبت فـي مغيبها . كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلـمة ، قال : ثنا ميكائيـل ، عن داود بن أبـي هند ، قال : قال ابن مسعود ، فـي قوله : { إنّـي أحْبَبْتُ حُبَّ الـخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّـي حتـى تَوَارَتْ بـالـحِجابِ } قال : توارت الشمس من وراء ياقوتة خضراء ، فخُضرة السماء منها . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { حتـى تَوَارَتْ بـالـحجابِ } حتـى دَلَكَتْ براح . قال قتادة : فوالله ما نازعته بنو إسرائيـل ولا كابروه ، ولكن ولوه من ذلك ما ولاه الله . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { حتـى تَوَارَتْ بـالـحجابِ } حتـى غابت . وقوله : { رُدُّوها عَلـيَّ } يقول : ردّوا علـيّ الـخيـل التـي عرضت علـيّ ، فشغلتنـي عن الصلاة ، فكُّروها علـيّ . كما حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { رُدُّوها عَلـيَّ } قال : الـخيـل . وقوله : { فَطَفِقَ مَسْحاً بـالسُّوقِ والأعْناقِ } يقول : فجعل يـمسح منها السوق ، وهي جمع الساق ، والأعناق . واختلف أهل التأويـل فـي معنى مسح سلـيـمان بسوق هذه الـخيـل الـجياد وأعناقها ، فقال بعضهم : معنى ذلك أنه عقرها وضرب أعناقها ، من قولهم : مَسَحَ علاوته : إذا ضرب عنقه . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة فَطَفِقَ مَسْحاً بـالسُّوقِ والأعْناقِ قال : قال الـحسن : قال لا والله لا تشغلـينـي عن عبـادة ربـي آخر ما علـيك ، قال قولهما فـيه ، يعنـي قتادة والـحسن قال : فَكَسف عراقـيبها ، وضرب أعناقها . حدثنا مـحمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ { فَطَفِقَ مَسْحاً بـالسُّوق والأعْناقِ } فضرب سوقها وأعناقها . حدثنا مـحمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا بشر بن الـمفضل ، عن عوف ، عن الـحسن ، قال : أمر بها فعُقرت . وقال آخرون : بل جعل يـمسح أعرافها وعراقـيبها بـيده حُبًّـا لها . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـى ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـي ، عن ابن عبـاس ، قوله : { فَطَفِقَ مَسْحاً بـالسُّوقِ والأعْناقِ } يقول : جعل يـمسح أعراف الـخيـل وعراقـيبها : حبـا لها . وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عبـاس أشبه بتأويـل الآية ، لأن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم لـم يكن إن شاء الله لـيعذّب حيواناً بـالعرقبة ، ويهلك مالاً من ماله بغير سبب ، سوى أنه اشتغل عن صلاته بـالنظر إلـيها ، ولا ذنب لها بـاشتغاله بـالنظر ألـيها .