Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 34-35)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره : ولقد ابتَلـينا سلـيـمان وألقـينا علـى كرسيه جسداً شيطاناً متـمثلاً بإنسان ، ذكروا أن اسمه صخر . وقـيـل : إن اسمه آصَف . وقـيـل : إن اسمه آصر . وقـيـل : إن اسمه حبقـيق . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي علـيّ ، قال : ثنا أبو صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال : هو صخر الـجنّـيّ تـمثَّل علـى كرسيه جسداً . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَـيْـمانَ وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أنابَ } قال : الـجسد : الشيطان الذي كان دفع إلـيه سلـيـمان خاتـمه ، فقذفه فـي البحر ، وكان مُلك سلـيـمان فـي خاتـمه ، وكان اسم الـجنـيّ صخراً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا مبـارك ، عن الـحسن { وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال : شيطاناً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا شعبة ، عن أبـي بشر ، عن سعيد بن جُبَـير { وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال : شيطاناً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد { وألقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال : شيطاناً يقال له آصر . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، قوله : { عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَدَاً } قال : شيطاناً يقال له آصف ، فقال له سلـيـمان : كيف تفتنون الناس ؟ قال : أرنـي خاتـمك أخبرك . فلـما أعطاه إياه نبذه آصف فـي البحر ، فساح سلـيـمان وذهب مُلكه ، وقعد آصف علـى كرسيه ، ومنعه الله نساء سلـيـمان ، فلـم يقربهنّ ، وأنكرنه قال : فكان سلـيـمان يستطعم فـيقول : أتعرفونـي أطعمونـي أنا سلـيـمان ، فـيكذّبونه ، حتـى أعطته امرأة يوماً حوتاً يطيب بطنه ، فوجد خاتـمه فـي بطنه ، فرجع إلـيه مُلكه ، وفرّ آصف فدخـل البحر فـارّاً . حدثنـي الـحارث ، قال : ثنا الـحسن ، قال : ثنا ورقاء عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد بنـحوه ، غير أنه قال فـي حديثه : فـيقول : لو تعرفونـي أطعمتـمونـي . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَـيْـمانَ وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أنابَ } قال : حدثنا قتادة أن سلـمان أمر ببناء بـيت الـمقدس ، فقـيـل له : ابنه ولا يسمع فـيه صوت حديد ، قال : فطلب ذلك فلـم يقدر علـيه ، فقـيـل له : إن شيطاناً فـي البحر يقال له صخر شبه الـمارد ، قال : فطلبه ، وكانت عين فـي البحر يردها فـي كلّ سبعة أيام مرّة ، فنزح ماؤها وجعل فـيها خمر ، فجاء يوم وروده فإذا هو بـالـخمر ، فقال : إنك لشراب طيب ، إلا أنك تصبـين الـحلـيـم ، وتزيدين الـجاهل جهلاً ، قال : ثم رجع حتـى عطش عطشاً شديداً ، ثم أتاها فقال : إنك لشراب طيب ، إلا أنك تصبـين الـحلـيـم ، وتزيدين الـجاهل جهلاً قال : ثم شربها حتـى غلبت علـى عقله ، قال : فأري الـخاتـم أو ختـم به بـين كتفـيه ، فذلّ ، قال : فكان مُلكه فـي خاتـمه ، فأتـى به سلـيـمان ، فقال : إنا قد أمرنا ببناء هذا البـيت . وقـيـل لنا : لا يسمعنّ فـيه صوت حديد ، قال : فأتـى ببـيض الهدهد ، فجعل علـيه زجاجة ، فجاء الهدهد ، فدار حولها ، فجعل يرى بـيضه ولا يقدر علـيه ، فذهب فجاء بـالـماس ، فوضعه علـيه ، فقطعها به حتـى أفضى إلـى بـيضه ، فأخذ الـماس ، فجعلوا يقطعون به الـحجارة ، فكان سلـيـمان إذا أراد أن يدخـل الـخلاء أو الـحمام لـم يدخـلها بخاتـمه فـانطلق يوماً إلـى الـحمام ، وذلك الشيطان صخر معه ، وذلك عند مقارفة ذنب قارف فـيه بعض نسائه ، قال : فدخـل الـحمام ، وأعطى الشيطان خاتـمه ، فألقاه فـي البحر ، فـالتقمته سمكة ، ونُزع مُلك سلـيـمان منه ، وألقـي علـى الشيطان شبه سلـيـمان قال : فجاء فقعد علـى كرسيه وسريره ، وسلِّط علـى مُلك سلـيـمان كله غير نسائه قال : فجعل يقضي بـينهم ، وجعلوا ينكرون منه أشياء حتـى قالوا : لقد فُتِن نبـيّ الله وكان فـيهم رجل يشبهونه بعمر بن الـخطَّاب فـي القوّة ، فقال : والله لأجربنه قال : فقال له : يا نبـيّ الله ، وهو لا يرى إلا أنه نبـيّ الله ، أحدنا تصيبه الـجَنابة فـي اللـيـلة البـاردة ، فـيدع الغُسْل عمداً حتـى تطلع الشمس ، أترى علـيه بأساً ؟ قال : لا ، قال : فبـينا هو كذلك أربعين لـيـلة حتـى وجد نبـيّ الله خاتـمه فـي بطن سمكة ، فأقبل فجعل لا يستقبله جنـيّ ولا طير إلا سجد له ، حتـى انتهى إلـيهم وأَلْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً قال : هو الشيطان صخر . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، فـي قوله : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَـيْـمانَ } قال : لقد ابتلـينا { وألْقَـيْنا عَلـى كُرْسِيِّهِ جَسَداً } قال : الشيطان حين جلس علـى كرسيه أربعين يوماً قال : كان لسلـيـمان مِئة امرأة ، وكانت امرأة منهنّ يقال لها جرادة ، وهي آثر نسائه عنده ، وآمنهنّ عنده ، وكان إذا أجنب أو أتـى حاجة نزع خاتـمه ، ولـم يأتـمن علـيه أحداً من الناس غيرها فجاءته يوماً من الأيام ، فقالت : إن أخي بـينه وبـين فلان خصومة ، وأنا أحبّ أن تَقضي له إذا جاءك ، فقال لها : نعم ، ولـم يفعل ، فـابتُلـي وأعطاها خاتـمه ، ودخـل الـمخرج ، فخرج الشيطان فـي صورته ، فقال لها : هاتـي الـخاتـم ، فأعطته ، فجاء حتـى جلس علـى مـجلس سلـيـمان ، وخرج سلـيـمان بعد ، فسألها أن تعطيه خاتـمه ، فقالت : ألـم تأخذه قبل ؟ قال : لا ، وخرج مكانه تائهاً قال : ومكث الشيطان يحكم بـين الناس أربعين يوماً . قال : فأنكر الناس أحكامه ، فـاجتـمع قرّاء بنـي إسرائيـل وعلـماؤهم ، فجاؤوا حتـى دخـلوا علـى نسائه ، فقالوا : إنا قد أنكرنا هذا ، فإن كان سلـيـمان فقد ذهب عقله ، وأنكرنا أحكامه . قال : فبكى النساء عند ذلك ، قال : فأقبلوا يـمشون حتـى أتوه ، فأحدقوا به ، ثم نشروا التوراة ، فقرؤوا قال : فطار من بـين أيديهم حتـى وقع علـى شرفة والـخاتـم معه ، ثم طار حتـى ذهب إلـى البحر ، فوقع الـخاتـم منه فـي البحر ، فـابتلعه حوت من حيتان البحر . قال : وأقبل سلـيـمان فـي حاله التـي كان فـيها حتـى انتهى إلـى صياد من صيادي البحر وهو جائع ، وقد اشتدّ جوعه ، فـاستطعمهم من صيدهم ، قال : إنـي أنا سلـيـمان ، فقام إلـيه بعضهم فضربه بعصا فشجَّه ، فجعل يغسل دمه وهو علـى شاطىء البحر ، فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه ، فقالوا : بئس ما صنعت حيث ضربته ، قال : إنه زعم أنه سلـيـمان ، قال : فأعطوه سمكتـين مـما قد مَذِر عندهم ، ولـم يشغله ما كان به من الضرر ، حتـى قام إلـى شطّ البحر ، فشقّ بطونهما ، فجعل يغسل … ، فوجد خاتـمه فـي بطن إحداهما ، فأخذه فلبسه ، فردّ الله علـيه بهاءه ومُلكه ، وجاءت الطير حتـى حامت علـيه ، فعرف القوم أنه سلـيـمان ، فقام القوم يعتذرون مـما صنعوا ، فقال : ما أحمدكم علـى عذركم ، ولا ألومكم علـى ما كان منكم ، كان هذا الأمر لا بدّ منه ، قال : فجاء حتـى أتـى مُلكه ، فأرسل إلـى الشيطان فجيء به ، وسخِّر له الريح والشياطين يومئذٍ ، ولـم تكن سخرت له قبل ذلك ، وهو قوله : { وَهَبْ لـي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إنَّك أنْتَ الوَهَّابُ } قال : وبعث إلـى الشيطان ، فأُتـي به ، فأمر به فجعل فـي صندوق من حديد ، ثم أطبق علـيه فأقـفل علـيه بقـفل ، وختـم علـيه بخاتـمه ، ثم أمر به ، فألقـي فـي البحر ، فهو فـيه حتـى تقوم الساعة ، وكان اسمه حبقـيق . وقوله : { ثُمَّ أنابَ } سلـيـمان ، فرجع إلـى مُلكه من بعد ما زال عنه مُلكه فذهب . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الـمـحاربـي ، عن عبد الرحمن ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك ، فـي قوله : { ثُمَّ أنابَ } قال : دخـل سلـيـمان علـى امرأة تبـيع السمك ، فـاشترى منها سمكة ، فشقّ بطنها ، فوجد خاتـمه ، فجعل لا يـمرّ علـى شجر ولا حجر ولا شيء إلا سجد له ، حتـى أتـى مُلكه وأهله ، فذلك قوله { ثُمَّ أنابَ } يقول : ثم رجع . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قا : ثنا سعيد ، عن قتادة { ثُمَّ أنابَ } وأقبل ، يعنـي سلـيـمان . قوله : { قالَ رَبّ اغفرْ لـي وَهَبْ لـي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحدٍ مِنْ بَعْدي } يقول تعالـى ذكره : قال سلـيـمان راغبـاً إلـى ربه : ربّ استر علـيّ ذنبـي الذي أذنبت بـينـي وبـينك ، فلا تعاقبنـي به { وَهَبْ لـي مُلكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } لا يسلبنـيه أحدكما سلبنـيه قبل هذه الشيطان . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قالَ رَبّ اغْفِرْ لـي وَهَبْ لـي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } يقول : ملكاً لا أسلَبه كما سُلبتُه . وكان بعض أهل العربـية يوجه معنى قوله : { لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدي } إلـى : أن لا يكون لأحد من بعدي ، كما قال ابن أحمر : @ ما أُمُّ غُفْرٍ علـى دعْجاءَ ذِي عَلَقٍ يَنْفـى القَراميدَ عنها الأعْصَمُ الوَقِلُ فِـي رأْسِ حَلْقاءَ مِن عَنقاءَ مُشْرِفة لا يَنْبَغِي دُوَنها سَهْلٌ وَلا جَبَلُ @@ بـمعنى : لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها . وقوله : { إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ } يقول : إنك وهاب ما تشاء لـمن تشاء بـيدك خزائن كلّ شيء تفتـح من ذلك ما أردت لـمن أردت .