Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 21-21)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم : { ألَـمْ تَرَ } يا مـحمد { أنَّ اللّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً } وهو الـمطر { فَسَلَكَهُ يَنابِـيعَ فِـي الأرْضِ } يقول : فأجراه عيوناً فـي الأرض واحدها ينبوع ، وهو ما جاش من الأرض . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن الشعبـيّ ، فـي قوله : { فَسَلَكَهُ يَنابِـيعَ فِـي الأرْضِ } قال : كلّ ندى وماء فـي الأرض من السماء نزل . قال : ثنا ابن يـمان ، عن سفـيان ، عن جابر ، عن الـحسن بن مسلـم بن بـيان ، قال : ثم أنبت بذلك الـماء الذي أنزله من السماء فجعله فـي الأرض عيوناً زرعاً { مُخْتَلِفـا ألْوَانُهُ } يعنـي : أنواعاً مختلفة من بـين حنطة وشعير وسمسم وأرز ، ونـحو ذلك من الأنواع الـمختلفة { ثُمَّ يَهِيجُ فَتراهُ مُصْفَرّاً } يقول : ثم يـيبس ذلك الزرع من بعد خُضرته ، يقال للأرض إذا يبس ما فـيها من الـخضر وذوي : هاجت الأرض ، وهاج الزرع . وقوله : { فَتراه مُصْفَرّاً } يقول : فتراه من بعد خُضرته ورطوبته قد يبس فصار أصفر ، وكذلك الزرع إذا يبس أصفر { ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً } والـحُطام : فتات التبن والـحشيش ، يقول : ثم يجعل ذلك الزرع بعد ما صار يابساً فُتاتاً متكسراً . وقوله : { إنَّ فِـي ذلكَ لَذِكْرَى لأُولـي الألْبـابِ } يقول تعالـى ذكره : إن فـي فعل الله ذلك كالذي وصف لذكرى وموعظة لأهل العقول والـحجا يتذكرون به ، فـيعلـمون أن من فعل ذلك فلن يتعذّر علـيه إحداث ما شاء من الأشياء ، وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض ، وإحياء من هلك من خـلقه من بعد مـماته وإعادته من بعد فنائه ، كهيئته قبل فَنائه ، كالذي فُعِل بـالأرض التـي أنزل علـيها من بعد موتها الـماء ، فأنبت بها الزرعَ الـمختلف الألوان بقدرته .