Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 30-32)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنك يا محمد ميت عن قليل ، وإن هؤلاء المكذّبيك من قومك والمؤمنين منهم ميتون { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } يقول : ثم إن جميعكم المؤمنين والكافرين يوم القيامة عند ربكم تختصمون فيأخذ للمظلوم منكم من الظالم ، ويفصل بين جميعكم بالحقّ . واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : عنى به اختصام المؤمنين والكافرين ، واختصام المظلوم والظالم . ذكر من قال ذلك : حدثنا عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } يقول : يخاصم الصادق الكاذب ، والمظلوم الظالم ، والمهتدي الضالّ ، والضعيف المستكبر . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } قال : أهل الإسلام وأهل الكفر . حدثني ابن البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا ابن الدراوردي ، قال : ثني محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله بن الزبير ، قال : لما نزلت هذه الآية : { إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } قال الزبير : يا رسول الله ، أينكر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " نَعَمْ حتى يُؤدَّى إلى كُلِّ ذي حَقَ حَقُّهُ " . وقال آخرون : بل عُني بذلك اختصام أهل الإسلام . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، عن ابن عمر ، قال : نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة ، فقلنا : هذا الذي وعدنا ربُّنا أن نختصم فيه { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا ابن عون ، عن إبراهيم ، قال : لما نزلت : { إنكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ } الآية ، قالوا : ما خصومتنا بيننا ونحن إخوان ، قال : فلما قُتل عثمان بن عفان ، قالوا : هذه خصومتنا بيننا . حُدثت عن ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } قال : هم أهل القبلة . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : عُني بذلك : إنك يا محمد ستموت ، وإنكم أيها الناس ستموتون ، ثم إن جميعكم أيها الناس تختصمون عند ربكم ، مؤمنكم وكافركم ، ومحقوكم ومبطلوكم ، وظالموكم ومظلوموكم ، حتى يؤخذ لكلِّ منكم ممن لصاحبه قبله حق حقُّه . وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب لأن الله عمّ بقوله : { ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } خطاب جميع عباده ، فلم يخصص بذلك منهم بعضاً دون بعض ، فذلك على عمومه على ما عمه الله به وقد تنزل الآية في معنى ، ثم يكون داخلاً في حكمها كلّ ما كان في معنى ما نزلت به . وقوله : { فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلى اللَّهِ وكَذَّبَ بالصّدْقِ إذْ جاءَهُ } يقول تعالى ذكره : فمن من خلق الله أعظم فرية ممن كذب على الله ، فادّعى أن له ولدا وصاحبه ، أو أنه حرَّم ما لم يحرمه من المطاعم { وكَذَّبَ بالصّدْقِ إذْ جاءَهُ } يقول : وكذّب بكتاب الله إذ أنزله على محمد ، وابتعثه الله به رسولاً ، وأنكر قول لا إله إلا الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وكَذَّبَ بالصّدْق إذ جاءَهُ } : أي بالقرآن وقوله : { ألَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى للْكافِرِينَ } يقول تبارك وتعالى : أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله ، وامتنع من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم ، واتباعه على ما يدعوه إليه مما أتاه به من عند الله من التوحيد ، وحكم القرآن ؟