Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 124-124)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني بذلك جلّ ثناؤه : الذين قال لهم : { لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } [ النساء : 123 ] يقول الله لهم : إنما يدخل الجنة وينعم فيها في الآخرة ، من يعمل من الصالحات من ذكوركم وإناثكم ، وذكور عبادي وإناثهم وهو مؤمن بي وبرسولي محمد ، مصدّق بوحدانيتي ، ونبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عندي ، لا أنتم أيها المشركون بي المكذّبون رسولي ، فلا تطمعوا أن تحلوا وأنتم كفار محلّ المؤمنين بي وتدخلوا مداخلهم في القيامة وأنتم مكذّبون برسولي . كما : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } قال : أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح ، وأبى أن يقبل الإسلام إلا بالإحسان . وأما قوله : { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } فإنه يعني : ولا يظلم الله هؤلاء الذين يعملون الصالحات من ثواب عملهم مقدار النقرة التي تكون في ظهر النواة في القلة ، فيكف بما هو أعظم من ذلك وأكثر . وإنما يخبر بذلك جلّ ثناؤه عباده أنه لا يبخسهم من جزاء أعمالهم قليلاً ولا كثيراً ، ولكن يوفيهم ذلك كما وعدهم . وبالذي قلنا في معنى النقير قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد : { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } قال : النقير : الذي يكون في ظهر النواة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة ، عن عطية ، قال : النقير : الذي في وسط النواة . فإن قال لنا قائل : وما وجه دخول « مَنْ » في قوله : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ } ، ولم يقل : ومن يعمل الصالحات ؟ قيل : لدخولها وجهان : أحدهما أن يكون الله قد علم أن عباده المؤمنين لن يطيقوا أن يعملوا جميع الأعمال الصالحات ، فأوجب وعده لمن عمل ما أطاق منها ولم يحرمه من فضله بسبب ما عجزت عن عمله منها قواه . والآخر منهما أن يكون تعالى ذكره أوجب وعده لمن اجتنب الكبائر وأدّى الفرائض ، وإن قصر في بعض الواجب له عليه ، تفضلاً منه على عباده المؤمنين ، إذ كان الفضل به أولى ، والصفح عن أهل الإيمان به أحرى . وقد تقوّل قوم من أهل العربية أنها أدخلت في هذا الموضع بمعنى الحذف ، ويتأوّله : ومن يعمل الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن . وذلك عندي غير جائز ، لأن دخولها لمعنى ، فغير جائز أن يكون معناها الحذف . ]