Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 143-143)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { مُّذَبْذَبِينَ } : مردّدين ، وأصل التذبذب : التحرّك والاضطراب ، كما قال ، النابغة : @ ألَمْ تَرَ أنْ اللّهَ أعْطَاكَ سُورَةً ترَى كُلَّ مَلْكٍ دُوَنها يَتَذبْذَبُ @@ وإنا عنى بذلك : أن المنافقين متحيرون في دينهم ، لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحةٍ فهم لامع المؤمنين على بصيرة ، ولا مع المشركين على جهالة ، ولكنهم حيارى بين ذلك ، فمثلهم المثل الذي ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي : حدثنا به محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا عبيد الله عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : " مَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَل الشَّاةِ العائِرةِ بَيَنَ الغَنَمَيْنِ ، تَعِيرُ إلى هَذِهِ مَرَّةً وَإلى هَذِهِ مَرَّةً ، لا تَدْرِي أيَّتَهُما تَتْبَعُ " وحدثنا به محمد بن المثنى مرّة أخرى عن عبد الوهاب ، فوقفه على ابن عمر ولم يرفعه ، قال : ثنا عبد الوهاب مرْتين كذلك . ثني عمران بن بكار ، قال : ثنا أبو روح ، قال : ثنا ابن عباس ، قال : ثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء } يقول : ليسوا بمشركين فيظهروا الشرك ، وليسوا بمؤمنين . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء } يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرّحين بالشرك . قال : وذكر لنا أن نبيّ الله عليه الصلاة والسلام كان يضرب مثلاً للمؤمن والمنافق والكافر ، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ، ناداه الكافر : أن هلمّ إليّ فإني أخشى عليك ! وناداه المؤمن : أن هلمّ إليّ فإن عندي وعندي ! يحصي له ما عنده . فما زال المنافق يتردّد بينهما حتى أتي عليه الماء فغرّقه ، وإن المنافق لم يزل في شكّ وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك . قال : وذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " مَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَلِ ثاغِيَةٍ بينَ غَنَمَيْنِ رأتْ غَنَماً عَلى نَشَزٍ ، فَأتَتْها فَلَمْ تُعْرَفْ ، ثمَّ رأتْ غَنماً على نَشَزٍ فَأتَتْها وَشامَّتْها فَلَمْ تُعْرَفْ " حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { مُّذَبْذَبِينَ } قال : المنافقون . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء } يقول : لا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا إلى هؤلاء اليهود . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ } قال : لم يخلصوا الإيمان فيكونوا مع المؤمنين ، وليسوا مع أهل الشرك . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ } : بين الإسلام والكفر { لاَ إِلَىٰ هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء } . وأما قوله : { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } فإنه يعني : من يخذ له الله عن طريق الرشاد وذلك هو الإسلام الذي دعا الله إليه عباده ، يقول : من يخذ له الله عنه فلم يوفقه له ، فلن تجد له يا محمد سبيلاً : يعني طريقاً يسلكه إلى الحقّ غيره . وأيّ سبيل يكون له إلى الحقّ غير الإسلام ؟ وقد أخبر الله جل ثناؤه : أنه من يتبع غيره ديناً فلن يُقبل منه ، ومن أضله الله عنه فقد غوى ، فلا هادي له غيره . ]