Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-163)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعنـي جلّ ثناؤه بقوله : { إنَّا أوْحَيْنا إلَـيْكَ كمَا أوْحَيْنا إلـى نُوحٍ } : إنا أرسلنا إلـيك يا مـحمد بـالنبوّة كما أرسلنا إلـى نوح وإلـى سائر الأنبـياء الذين سميتهم لك من بعده والذين لـم أسمهم لك . كما : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن منذر الثوريّ ، عن الربـيع بن خيثـم فـي قوله : { إنَّا أوْحَيْنا إلَـيْكَ كمَا أوْحَيْنا إلـى نُوحٍ وَالنَّبِـيِّـينَ مِنْ بَعْدِه } قال : أوحى إلـيك كما أوحى إلـى جميع النبـيـين من قبله . وذكر أن هذه الآية نزلت علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن بعض الـيهود لـما فضحهم الله بـالآيات التـي أنزلها علـى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك من قوله : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ النساء : 153 ] فتلا ذلك علـيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : ما أنزل الله علـى بشر من شيء بعد موسى . فأنزل الله هذه الآيات تكذيبـاً لهم ، وأخبر نبـيه والـمؤمنـين به أنه قد أنزل علـيه بعد موسى وعلـى من سماهم فـي هذه الآية وعلـى آخرين لـم يسمهم . كما : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، وحدثنا ابن حـميد ، قال : ثنا سلـمة ، عن مـحمد بن إسحاق ، قال : ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت ، قال : ثنـي سعيد بن جبـير أو عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : قال سُكَيْن وعديّ بن زيد : يا مـحمد ما نعلـم الله أنزل علـى بشر من شيء بعد موسى ، فأنزل الله فـي ذلك من قولهما : { إنَّا أوْحَيْنا إلَـيْكَ كمَا أوْحَيْنا إلـى نُوحٍ وَالنَّبِـيِّـينَ مِنْ بَعْدِه } … إلـى آخر الآيات . وقال آخرون : بل قالوا : لـما أنزل الله الآيات التـي قبل هذه فـي ذكرهم ما أنزل الله علـى بشر من شيء ، ولا علـى موسى ، ولا علـى عيسى ، فأنزل الله جلّ ثناؤه : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } [ الأنعام : 91 ] ولا علـى موسى ، ولا علـى عيسى . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا أبو معشر ، عن مـحمد بن كعب القُرَظيّ ، قال : أنزل الله : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ النساء : 153 ] … إلـى قوله : { وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } [ النساء : 156 ] ، فلـما تلاها علـيهم يعنـي علـى الـيهود وأخبرهم بأعمالهم الـخبـيثة ، جحدوا كلّ ما أنزل الله ، وقالوا : ما أنزل الله علـى بشر من شيء ، ولا علـى موسى ، ولا علـى عيسى ، وما أنزل الله علـى نبـيّ من شيء . قال : فحل حُبْوَته ، وقال : ولا علـى أحد فأنزل الله جلّ ثناؤه : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } [ الأنعام : 91 ] . وأما قوله : { وآتَـيْنا دَاوُدَ زَبُوراً } فإن القراء اختلفت فـي قراءته ، فقرأته عامة قرّاء أمصار الإسلام غير نفر من قرّاء الكوفة : { وآتَـيْنا دَاوُدَ زَبُوراً } بفتـح الزاي علـى التوحيد ، بـمعنـي : وآتـينا داود الكتاب الـمسمى زبوراً . وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفـيـين : « وآتَـيْنا دَاوُدَ زُبُوراً » بضمّ الزاي جمع زُبُر ، كأنهم وجهوا تأويـله : وآتـينا داود كتبـاً وصحفـاً مزبورة ، من قولهم : زَبَرْت الكتاب أَزْبُرُه زَبْراً ، وذَبَرْته أَذْبُرُه ذَبْراً : إذا كتبته . قال أبو جعفر : وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب عندنا ، قراءة من قرأ : { وآتَـيْنا دَاوُدَ زَبُوراً } بفتـح الزاي علـى أنه اسم الكتاب الذي أوتـيه داود ، كما سمى الكتاب الذي أوتـيه موسى التوراة ، والذي أوتـيه عيسى الإنـجيـل ، والذي أوتـيه مـحمد الفرقان ، لأن ذلك هو الاسم الـمعروف به ما أوتـي داود ، وإنـما تقول العرب زَبور داود ، وبذلك يعرف كتابه سائر الأمـم .