Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 21-21)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي جلّ ثناؤه بقوله : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } : وعلـى أيّ وجه تأخذون من نسائكم ما آتـيتـموهنّ من صدقاتهنّ إذا أردتـم طلاقهنّ واستبدال غيرهنّ بهنّ أزواجاً ، وقد أفضى بعضكم إلـى بعضكم فتباشرتـم وتلامستـم . وهذا كلام وإن كان مخرجه مخرج الاستفهام فإنه فـي معنى النكير والتغلـيظ ، كما يقول الرجل لآخر : كيف تفعل كذا وكذا وأنا غير راض به ؟ علـى معنى التهديد والوعيد . وأما الإفضاء إلـى الشيء فإنه الوصول إلـيه بـالـمبـاشرة له ، كما قال الشاعر : @ بِلـىً … أفْضَى إلـى كُتْبِةٍ بَدَا سيرُها مِنْ بـاطِنٍ بَعْدَ ظاهِرِ @@ يعنـي بذلك : أن الفساد والبلـى وصل إلـى الـخُرَز . والذي عُنـي به الإفضاء فـي هذا الـموضع : الـجماع فـي الفرج . فتأويـل الكلام إذ كان ذلك معناه : وكيف تأخذون ما آتـيتـموهنّ وقد أفضى بعضكم إلـى بعض بـالـجماع ؟ . وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي عبد الـحميد بن بـيان القناد ، قال : ثنا إسحاق ، عن سفـيان ، عن عاصم ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عبـاس ، قال : الإفضاء : الـمبـاشرة ، ولكن الله كريـم يكنـي عما يشاء . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفـيان ، عن عاصم ، عن بكر ، عن ابن عبـاس قال : الإفضاء : الـجماع ، ولكن اللّهِ يكنـي . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عاصم بن بكر بن عبد الله الـمزنـي ، عن ابن عبـاس ، قال : الإفضاء : هو الـجماع . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } قال : مـجامعة النساء . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } يعنـي : الـمـجامعة . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مّيثَـٰقاً غَلِيظاً } . أما ما وثقت به لهنّ علـى أنفسكم من عهد ، وإقرار منكم بـما أقررتـم به علـى أنفسكم ، من إمساكهنّ بـمعروف ، أو تسريحهنّ بإحسان ، وكان فـي عقد الـمسلـمين النكاح قديـماً ، فـيـما بلغنا أن يقال للناكح : آلله علـيك لتـمسكنّ بـمعروف أو لتسرحنّ بإحسان . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } والـميثاق الغلـيظ الذي أخذه للنساء علـى الرجال : إمساك بـمعروف أو تسريح بإحسان . وقد كان فـي عهد الـمسلـمين عند إنكاحهم : آللّهِ علـيك لتـمسكنّ بـمعروف أو لتسرحنّ بإحسان . واختلف أهل التأويـل فـي الـميثاق الذي عنى الله جلّ ثناؤه بقوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } . فقال بعضهم : هو إمساك بـمعروف ، أو تسريح بإحسان . ذكر من قال ذلك : حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم ، قال : ثنا هشيـم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك فـي قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : إمساك بـمعروف ، أو تسريح بإحسان . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عمرو بن عون ، قال : ثنا هشيـم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله . حدثنا الـحسن بن يحيـى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : هو ما أخذ الله تبـارك وتعالـى للنساء علـى الرجال ، فإمساك بـمعروف أو تسريح بإحسان . قال : وقد كان ذلك يؤخذ عند عقد النكاح . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : أما { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } فهو أن ينكح الـمرأة فـيقول ولـيها : أنكحناكها بأمانة الله ، علـى أن تـمسكها بـالـمعروف أو تسرّحها بإحسان . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا عبد الأعلـى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة فـي قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : الـميثاق الغلـيظ الذي أخذه الله للنساء : إمساك بـمعروف أو تسريح بإحسان ، وكان فـي عقدة الـمسلـمين عند نكاحهنّ : ٱيـم الله علـيك لتـمسكنّ بـمعروف ، ولتسرحنّ بإحسان . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا أبو قتـيبة ، قال : ثنا أبو بكر الهذلـي ، عن الـحسن ، ومـحمد بن سيرين فـي قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : إمساك بـمعروف . أو تسريح بإحسان . وقال آخرون : هو كلـمة النكاح التـي استـحلّ بها الفرج . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : كلـمة النكاح التـي استـحلّ بها فروجهنّ . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، مثله . حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا يحيـى بن سعيد ، قال : ثنا سفـيان ، عن أبـي هاشم الـمكي ، عن مـجاهد فـي قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : قوله نكحت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عنبسة ، عن مـحمد بن كعب القرضي : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : هو قولهم : قد ملكت النكاح . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن مـجاهد : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : كلمة النكاح . حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : الـميثاق : النكاح . حدثنا عمرو بن علـيّ ، قال : ثنا يحيـى بن سعيد ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنـي سالـم الأفطس ، عن مـجاهد : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : كلـمة النكاح قوله نكحت . وقال آخرون : بل عنى قول النبـيّ صلى الله عليه وسلم : " أخَذْتُـمُوهُنَّ بأمانَةِ اللّهِ ، واسْتَـحْلَلْتُـمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِـمَةِ اللّهِ " ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن إسرائيـل ، عن جابر وعكرمة : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قالا : أخذتـموهنّ بأمانة الله ، واستـحللتـم فروجهنّ بكلـمة الله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ابن أبـي جعفر ، عن أبـيه ، عن الربـيع : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } والـميثاق الغلـيظ : أخذتـموهنّ بأمانة الله ، واستـحللتـم فروجهنّ بكلـمة الله . قال أبو جعفر : وأولـى هذه الأقوال بتأويـل ذلك قول من قال : الـميثاق الذي عنـي به فـي هذه الآية ، هو ما أخذ للـمرأة علـى زوجها عند عقدة النكاح ، من عهد علـى إمساكها بـمعروف ، أو تسريحها بإحسان ، فأقرّ به الرجل ، لأن الله جلّ ثناؤه بذلك أوصى الرجال فـي نساءهم وقد بـينا معنى الـميثاق فـيـما مضى قبل بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع . واختلف فـي حكم هذه الآية ، أمـحكم أم منسوخ ؟ فقال بعضهم : مـحكم ، وغير جائز للرجل أخذ شيء مـما آتاها إذا أراد طلاقها ، إلا أن تكون هي الـمريدة الطلاق . وقال آخرون : هي مـحكمة ، غير جائز له أخذ شيء مـما آتاها منها بحال ، كانت هي الـمريدة للطلاق أو هو . ومـمن حكي عنه هذا القول بكر بن عبد الله بن الـمزنـي . حدثنا مـجاهد بن موسى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا عقبة بن أبـي الـمهنا ، قال : سألت بكراً عن الـمختلعة أيأخذ منها شيئاً ؟ قال : لا { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } . وقال آخرون : بل هي منسوخة نسخها قوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ } [ البقرة : 229 ] ذكر من قال ذلك : حدثنـي يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد فـي قوله : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ } [ النساء : 20 ] إلـى قوله : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَـٰقاً غَلِيظاً } قال : ثم رخص بعد ، فقال : { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ } [ البقرة : 229 ] قال : فنسخت هذه تلك . قال أبو جعفر : وأولـى الأقوال بـالصواب فـي ذلك قول من قال : إنها مـحكمة غير منسوخة ، وغير جائز للرجل أخذ شيء مـما آتاها إذا أراد طلاقها من غير نشوز كان منها ، ولا ريبة أتت بها . وذلك أن الناسخ من الأحكام ، ما نفـى خلافه من الأحكام ، علـى ما قد بـينا فـي سائر كتبنا ، ولـيس قوله : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ } [ النساء : 20 ] نفـي حكم قوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدودَ ٱللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيما ٱفْتَدَتْ بِهِ } [ البقرة : 229 ] لأن الذي حرّم الله علـى الرجل بقوله : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً } [ النساء : 20 ] أخذ ما آتاها منها إذا كان هو الـمريد طلاقها . وأما الذي أبـاح له أخذه منها بقوله : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ } [ البقرة : 229 ] فهو إذا كانت هي الـمريدة طلاقه ، وهو كاره له ببعض الـمعانـي التـي قد ذكرنا فـي غير هذا الـموضع ، ولـيس فـي حكم إحدى الآيتـين نفـي حكم الأخرى ، وإذا كان ذلك كذلك لـم يجز أن يحكم لإحداهما بأنها ناسخة ، وللأخرى بأنها منسوخة ، إلا بحجة يجب التسلـيـم لها . وأما ما قاله بكر بن عبد الله الـمزنـي من أنه لـيس لزوج الـمختلعة أخذ ما أعطته علـى فراقه إياها إذا كانت هي الطالبة الفرقة وهو الكاره ، فلـيس بصواب لصحة الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أمر ثابت بن قـيس بن شماس بأخذ ما كان ساق إلـى زوجته وفراقها إن طلبت فراقه ، وكان النشوز من قبلها .