Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 23-23)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعنـي بذلك تعالـى ذكره : حرّم علـيكم نكاح أمهاتكم ، فترك ذكر النكاح اكتفـاء بدلالة الكلام علـيه . وكان ابن عبـاس يقول فـي ذلك ، ما : حدثنا به أبو كريب ، قال : ثنا ابن أبـي زائدة ، عن الثوري ، عن الأعمش ، عن إسماعيـل بن رجاء ، عن عمير مولـى ابن عبـاس ، عن ابن عبـاس ، قال : حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع . ثم قرأ : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ } حتـى بلغ : { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } قال : والسابعة { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [ النساء : 22 ] . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيـل بن رجاء ، عن عمير مولـى ابن عبـاس ، عن ابن عبـاس ، قال : يحرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع ، ثم قرأ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ } … إلـى قوله : { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 24 ] . حدثنا ابن بشار مرة أخرى ، قال : ثنا أبو أحمد الزبـيري ، قال : ثنا سفـيان ، عن الأعمش ، عن إسماعيـل بن رجاء ، عن عمير مولـى ابن عبـاس ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن ابن أبـي ذئب ، عن الزهري بنـحوه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفـيان ، عن حبـيب ، عن سعيد بن جبـير ، عن ابن عبـاس ، قال : حرم علـيكم سبع نسبـاً وسبع صهراً . { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ } … الآية . حدثنا ابن وكيع ، قال ثنا أبـي ، عن علـيّ بن صالـح ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَـٰتُكُمْ وَبَنَـٰتُكُمْ وَأَخَوٰتُكُمْ } قال : حرّم الله من النسب سبعاً ، ومن الصهر سبعاً ، ثم قرأ : { وَأُمَّهَـٰتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ } … الآية . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مطرف ، عن عمرو بن سالـم مولـى الأنصار ، قال : حرم من النسب سبع ، ومن الصهر سبع : حرمت علـيكم أمهاتكم ، وبناتكم ، وأخواتكم ، وعماتكم ، وخالاتكم ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت . ومن الصهر : أمهاتكم اللاتـي أرضعنكم ، وأخواتكم من الرضاعة ، وأمهات نسائكم ، وربـائبكم اللاتـي فـي حجوركم من نسائكم اللاتـي دخـلتـم بهنّ ، فإن لـم تكونوا دخـلتـم بهن ، فلا جناح علـيكم ، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ، وأن تـجمعوا بـين الأختـين إلا ما قد سلف . ثم قال : { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 24 ] ، { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ ٱلنِّسَاءِ } . فكل هؤلاء اللواتـي سماهنّ الله تعالـى وبـين تـحريـمهنّ فـي هذه الآية مـحرّمات غير جائز نكاحهنّ لـمن حرّم الله ذلك علـيه من الرجال ، بإجماع جميع الأمة ، لا اختلاف بـينهم فـي ذلك ، إلا فـي أمهات نسائنا اللواتـي لـم يدخـل بهنّ أزواجهنّ ، فإن فـي نكاحهنّ اختلافـاً بـين بعض الـمتقدمين من الصحابة إذا بـانت الابنة قبل الدخول بها من زوجها ، هل هنّ من الـمبهات ، أم هنّ من الـمشروط فـيهنّ الدخول ببناتهنّ . فقال جميع أهل العلـم متقدمهم ومتأخرهم : من الـمبهمات ، وحرام علـى من تزوّج امرأة أمها دخـل بـامرأته التـي نكحها أو لـم يدخـل بها ، وقالوا : شرط الدخول فـي الربـيبة دون الأم ، ، فأما أم الـمرأة فمطلقة بـالتـحريـم . قالوا : ولو جاز أن يكون شرط الدخول فـي قوله : { وَرَبَائِبُكُمُ ٱللَّـٰتِى فِى حُجُورِكُمْ مّن نِّسَائِكُمُ ٱللَّـٰتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فوضع موصولاً به قوله : { وَأُمَّهَـٰتُ نِسَائِكُمْ } جاز أن يكون الاستثناء فـي قوله : { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } [ النساء : 24 ] من جميع الـمـحرّمات بقوله : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ } … الآية ، قالوا : وفـي إجماع الـجميع علـى أن الاستثناء فـي ذلك إنـما هو مـما ولـيه من قوله : { وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ } أبـين الدلالة علـى أن الشرط فـي قوله : { مّن نِّسَائِكُمُ ٱللَّـٰتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } مـما ولـيه من قوله : { وَرَبَائِبُكُمُ ٱللَّـٰتِى فِى حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَائِكُمُ ٱللَّـٰتِى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } دون أمهات نسائنا . وروي عن بعض الـمتقدمين أنه كان يقول : حلال نكاح أمهات نسائنا اللواتـي لـم ندخـل بهنّ ، وإن حكمهنّ فـي ذلك حكم الربـائب . ذكر من قال ذلك : حدثنا مـحمد بن بشار ، قال : ثنا ابن أبـي عدّي وعبد الأعلـى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن علـيّ رضي الله عنه فـي رجل تزوّج امرأة فطلقها قبل أن يدخـل بها ، أيتزوّج أمها ؟ قال : هي بـمنزلة الربـيبة . حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، قال : ثنا قتادة ، عن خلاس ، عن علـيّ رضي الله عنه ، قال : هي بـمنزلة الربـيبة . حدثنا حميد ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، قال : ثنا قتادة ، عن سعيد بن الـمسيب ، عن زيد بن ثابت أنه كان يقول : إذا ماتت عنده ، وأخذ ميراثها ، كره أن يخـلف علـى أمها ، وإذا طلقها قبل أن يدخـل بها ، فإن شاء فعل . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيـى بن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن الـمسيب ، عن زيد بن ثابت ، قال : إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخـل بها فلا بأس أن يتزوّج أمها . حدثنا القاسم ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، أخبرنـي عكرمة بن خالد ، أن مـجاهداً قال له : { وَأُمَّهَـٰتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱللَّـٰتِى فِى حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَائِكُمُ } أريد بهما الدخول جميعاً . قال أبو جعفر : والقول الأوّل أولـى بـالصواب ، أعنـي قول من قال : الأم من الـمبهمات ، لأن الله لـم يشرط معهنّ الدخول ببناتهنّ ، كما شرط ذلك مع أمهات الربـائب ، مع أن ذلك أيضاً إجماع من الـحجة التـي لا يجوز خلافها فـيـما جاءت به متفقة علـيه . وقد رُوي بذلك أيضاً عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم خبر ، غير أن فـي إسناده نظراً ، وهو ما : حدثنا به الـمثنى ، قال : ثنا حبـان بن موسى ، قال : أخبرنا ابن الـمبـارك ، قال : أخبرنا الـمثنى بن الصبـاح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبـيه ، عن جده ، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الـمَرأةَ فَلا يَحِلُّ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّها ، دَخَـلَ بـالابْنَةِ أمْ لَـمْ يَدْخُـلْ ، وَإذَا تَزَوَّجَ الأُمَّ فَلَـمْ يَدْخُـلْ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَها ، فإنْ شاءَ تَزَوَّجَ الابْنَة " قال أبو جعفر : وهذا خبر وإن كان في إسناده ما فيه ، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال لعطاء : الرجل ينكح المرأة لم يرها ولا يجامعها حتى يطلقها ، أيحلّ له أمها ؟ قال : لا ، هي مرسلة . قلت لعطاء : أكان ابن عباس يقرأ : { وأُمَّهاتُ نِسائِكُمُ ٱلـَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } ؟ قال : لا تبرأ قال حجاج : قلت لابن جريج : ما تبرأ ؟ قال : كأنه قال : لا لا . وأم الربائب فإنه جمع ربيبة وهي ابنة امرأة الرجل ، قيل لها ربيبة لتربيته إياها ، وإنما هي مربوبة صرفت إلى ربيبة ، كما يقال : هي قبيلة من مقبولة ، وقد يقال لزوج المرأة : هو ربيب ابن امرأته ، يعني به : هو رابُّه ، كما يقال هو جابر وجبير ، وشاهد وشهيد . واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { مِنْ نِسائِكُمُ ٱلـَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } فقال بعضهم معنى الدخول في هذا الموضع : الجماع . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { مِنْ نِسائِكُمْ ٱلـَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } والدخول : النكاح . وقال آخرون : الدخول في هذا الموضع : هو التجريد . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : قلت لعطاء ، قوله : { ٱلـَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } ما الدخول بهنّ ؟ قال : أن تهدى إليه فيكشف ويعتسّ ، ويجلس بين رجليها . قلت : أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها ؟ قال : هو سواء ، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها . قلت : تحرم الربيبة ممن يصنع هذا بأمها إلا ما يحرم عليّ من أمتي إن صنعته بأمها ؟ قال : نعم سواء . قال عطاء : إذا كشف الرجل أمته وجلس بين رجليها أنهاه عن أمها وابنتها . قال ابو جعفر : وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك ، ما قاله ابن عباس ، من أن معنى الدخول : الجماع والنكاح ، لأن ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين : إما أن يكون على الظاهر المتعارف من معاني الدخول في الناس ، وهو الوصول إليها بالخلوة بها ، أو يكون بمعنى الجماع ، وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرّم عليه ابنتها إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها ، أو قبل النظر إلى فرجها بالشهوة ما يدلّ على أن معنى ذل : : هو الوصول إليها بالجماع . وإذا كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك ما قلناه . وأما قوله : { فإنْ لمْ تَكُونوا دخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناح عَلَيْكُمْ } فإنه يقول : فإن لم تكونوا أيها الناس دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم ، فجامعتوهنَّ حتى طلقتموهنّ ، { فلا جُنَاحَ عَلَيْكُم } يقول : فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك . وأما قوله : { وَحلـَٱئِلُ أبْنائِكُمْ ٱلَّذِينَ مِنْ أصْلابكُمْ } فإنه يعني : وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم ، وهي جمع حليلة وهي امرأته ، وقيل : سميت امرأة الرجل حليلته ، لأنها تحلّ معه في فراش واحد . ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلته ابن الرجل حرام عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح ، دخل بها أو لم يدخل بها . فإن قال قائل : فما أنت قائل في حلائل الأبناء من الرضاع ، فإن الله تعالى إنما حرّم حلائل أبنائنا من أصلابنا ؟ قيل : إن حلائل الأبناء من الرضاع ، وحلائل الأبناء من الأصلاب سواء في التحريم ، وإنما قال : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الذين مِنْ أصْلابِكُمْ } لأن معناه : وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم ذون حلائل أبنائكم الذين تبنيتوهم . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء ، قوله : { وَحَلـَٱئِلُ أَبْنَائِكُمْ ٱلَّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ } قال : كنا نُحَدَّث والله أعلم أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم حين نكح امرأة زيد بن حارثة ، قال المشركون في ذلك ، فنزلت { وَحَلـَٱئِلُ أَبْنَائِكُمْ ٱلَّذِينَ مِنْ أصْلابِكُمْ } ، ونزلت : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } [ الأحزاب : 4 ] ، ونزلت : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ الأحزاب : 40 ] . وأما قوله : { وأنْ تجمعُوا بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ } فإن معناه : وحرّم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاح ، فـ أن في موضع رفع ، كأنه قيل : والجمع بين الأختين . { إلاَّ ما قد سلفَ } لكن ما قد مضى منكم . { فإنَّ اللّهَ كانَ غفوراً } لذنوب غباده ذا تابوا إليه منها . { رَحِيماً } بهم فيما كلفهم من الفرائض وخفف عنهم فلم يحملهم فوق طاقتهم . يخبر بذلك جلّ ثناؤه أنه غفور لمن كان جمع بين الأختين بنكاح في جاهليته وقيل تحريمه ذلك ، إذا اتقى الله تبارك وتعالى بعد تحريمه ذلك عليه فأطاعه باجتنابه ، رحيم به وبغيره من أهل طاعته من خلقه .