Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 27-27)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك تعالى ذكره : والله يريد أني يراجع بكم طاعته ، والإنابة إليه ، ليعفو لكم عما سلف من آثامكم ، ويتجاوز لكم عما كان منكم في جاهليتكم من استحلالكم ما هو حرام عليكم من نكاح حلائل آبائكم وأبنائكم ، وغير ذلك مما كنت تستحلونه وتأتونه ، مما كان غير جائز لكم إتيانه من معاصي الله { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } يقول : يريد الذين يطلبون لذات الدنيا وشهوات أنفسهم فيها ، أن تميلوا عن أمر الله تبارك وتعالى ، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرّم عليكم وركوبكم معاصيه { مَيْلاً عَظِيماً } جوراً وعدولاً عنه شديداً . واختلف أهل التأويل في الذين وصفهم الله بأنه يتبعون الشهوات ، فقال بعضهم : هم الزناة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } قال : الزنا . { أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } قال : يريدون أن تزنوا . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } أن تكونوا مثلهم تزنون كما يزنون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنى حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } قال : الزنا . { أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } قال : يزني أهل الإسلام كما يزنون . قال : هي كهيئة { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [ القلم : 9 ] . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيـى بن أبي زائدة ، عن ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } قال : الزنا . { أَن تَمِيلُواْ } قال : أن تزنوا . وقال آخرون : بل هم اليهود والنصارى . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } قال : هم اليهود والنصارى { أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } . وقال آخرون : بل هم اليهود خاصة ، وكانت إرادتهم من المسلمين اتباع شهواتهم في نكاح الأخوات من الأب ، وذلك أنهم يحلون نكاحهنّ ، فقال الله تبارك وتعالى للمؤمنين : ويريد الذين يحللون نكاح الأخوات من الأب ، أن تميلوا عن الحقّ ، فتستحلوهنّ كما استحلوا . وقال آخرون : معنى ذلك : كل متبع شهوة في دينه لغير الذي أبيح له . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } … الآية ، قال : يريد أهل الباطل وأهل الشهوات في دينهم ، { أَن تَمِيلُواْ } في دينكم { مَيْلاً عَظِيماً } تتبعون أمر دينهم ، وتتركون أمر الله وأمر دينكم . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل ، وطلاب الزنا ، ونكاح الأخوات من الآباء ، وغير ذلك مما حرّمه الله أن تميلوا ميلاً عظيماً عن الحقّ ، وعما أذن الله لكم فيه ، فتجوروا عن طاعته إلى معصيته ، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرّم الله وترك طاعته ، ميلاً عظيماً . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله : { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ } فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة ، وعمهم بوصفهم بذلك من غير وصفهم باتباع بعض الشهوات المذمومة . فإذ كان ذلك كذلك ، فأولى المعاني بالآية ما دلّ عليه ظاهرها دون باطنها الذي لا شاهد عليه من أصل أو قياس . وإذ كان ذلك كذلك كان داخلاً في الذين يتبعون الشهوات اليهود والنصارى والزناة وكل متبع باطلاً ، لأن كل متبع ما نهاه الله عنه فمتبع شهوة نفسه . فإذ كان ذلك بتأويل الآية أولى ، وجبت صحة ما اخترنا من القول في تأويل ذلك .