Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 26-26)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ } حلاله وحرامه ، { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } [ النساء : 26 ] يقول وليسددكم سنن الذين من قبلكم ، يعني : سبل من قبلكم من أهل الإيمان بالله وأنبيائه ومناهجهم ، فيما حرم عليكم من نكاح الأمهات والبنات والأخوات ، وسائر ما حرم عليكم في الآيتين اللتين بين فيهما ما حرم من النساء . { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } يقول : يريد الله أن يرجع بكم إلى طاعته في ذلك مما كنتم عليه من معصيته في فعلكم ذلك قبل الإسلام ، وقبل أن يوحي ما أوحى إلى نبيه من ذلك عليكم ، ليتجاوز لكم بتوبتكم عما سلف منكم من قبيح ذلك قبل إنابتكم وتوبتكم . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } يقول : والله ذو علم بما يصلح عباده في أديانهم ودنياهم ، وغير ذلك من أمورهم ، وبما يأتون ويذرون ما أحلّ أو حرّم عليهم حافظ ذلك كله عليهم ، حكيم بتدبيره فيهم في تصريفهم فيما صرفهم فيه . واختلف أهل العربية في معنى قوله : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } فقال بعضهم : معنى ذلك ، يريد الله هذا من أجل أن يبين لكم ، وقال : ذلك كما قال : { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } [ الشورى : 15 ] بكسر اللام ، لأن معناه : أمرت بهذا من أجل ذلك . وقال آخرون : معنى ذلك : يريد الله أن يبين لكم ، ويهديكم سنن الذين من قبلكم وقالوا : من شأن العرب التعقيب بين كي ولام كي وأن ، ووضع كل واحدة منهنّ موضع كل واحدة من أختها مع أردت وأمرت ، فيقولون : أمرتك أن تذهب ولتذهب ، وأردت أن تذهب ولتذهب ، كما قال الله جلّ ثناؤه : { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الأنعام : 71 ] ، وقال في موضع آخر : « وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوَّلَ مَن أسْلَمَ » ، وكما قال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ } [ الصف : 8 ] ، ثم قال في موضع آخر : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ } [ التوبة : 32 ] واعتلوا في توجيههم « أن » مع « أمرت » و « أردت » إلى معنى « كي » وتوجيه « كي » مع ذلك إلى معنى « أن » لطلب « أردت » و « أمرت » الاستقبال ، وأيهما لا يصلح معها الماضي ، لا يقال : أمرتك أن قمت ولا أردت أن قمت . قالوا : فلما كانت « أن » قد تكون مع الماضي في غير « أردت » و « أمرت » ، ذكروا لها معنى الاستقبال بما لا يكون معه ماض من الأفعال بحال ، من « كي » واللام التي في معنى « كي » قالوا : وكذلك جمعت العرب بينهنّ أحياناً في الحرف الواحد ، فقال قائلهم في الجمع : @ أرَدْتَ لِكَيْما أنْ تَطِيرَ بِقِرْبَتِي فَتَتْرُكَهَا شَنًّا بِبَيْدَاءَ بَلْقَعِ @@ فجمع بينهنّ لاتفاق معانيهنّ واختلاف ألفاظهنّ ، كما قال الآخر : @ قدْ يَكْسِبُ المَالَ الهِدانُ الجافِي بغير لا عَصْفٍ ولا اصْطِرَافِ @@ فجمع بين « غير » و « لا » ، توكيداً للنفي قالوا : وإنما يجوز أن يجعل « أن » مكان كي ، وكي مكان أن في الأماكن التي لا يصحب جالب ذلك ماض من الأفعال أو غير المستقبل فأما ما صحبه ماض من الأفعال وغير المستقبل فلا يجوز ذلك . لا يجوز عندهم أن يقال : ظننت ليقوم ، ولا أظنّ ليقوم ، بمعنى : أظنّ أن يقوم ، لأن التي تدخل مع الظن تكون مع الماضي من الفعل ، يقال : أظنّ أن قد قام زيد ومع المستقبل ومع الأسماء . قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال : إن اللام في قوله : { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ } بمعنى : يريد الله أن يبين لكم لما ذكرت من علة من قال إن ذلك كذلك .