Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 81-81)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني بذلك جلّ ثناؤه بقوله : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } يعني : الفريق الذي أخبر الله عنهم أنهم لما كتب عليهم القتال ، خشوا الناس كخشية الله وأشدّ خشية ، يقولون لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم بأمر : أمرك طاعة ، ولك منا طاعة فيما تأمرنا به وتنهانا عنه ! { فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ } يقول : فإذا خرجوا من عندك يا محمد { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } يعني بذلك جلّ ثناؤه : غيَّر جماعة منهم ليلاً الذي تقول لهم . وكلّ عَمل عُمل ليلاً فقد بُيّت ، ومن ذلك بَيَّتَ العدوّ وهو الوقوع بهم ليلاً ، ومنه قول عبيدة ابن همام : @ أتَوْنِي فَلَمْ أرْضَ ما بَيَّتُوا وكانُوا أتَوْنِي بِشَيْءٍ نُكُرْ لاِنْكِحَ أيِّمَهُمْ مُنْذِراً وَهلْ يُنْكِحُ العَبْدَ حُرٌّ لِحُرّ @@ يعني بقوله : « فلم أرض ما بيتوا ليلاً » : أي ما أبرموه ليلاً وعزموا عليه . ومنه قول النمر بن تولب العكليّ : @ هَبَّتْ لِتَعْذُلَنِي بلَيْلٍ ٱسْمَع ! سَفَها تُبَيُّتُكِ المَلامةُ فاهْجَعي ! @@ يقول الله جلّ ثناؤه : { وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } يعني بذلك جلّ ثناؤه : والله يكتب ما يغيرون من قولك ليلاً في كتب أعمالهم التي تكتبها حفظته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } قال : يغيرون ما عهد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم . حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا يوسف بن خالد ، قال : ثنا نافع بن مالك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } قال : غيَّر أولئك ما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثني أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } قال : غيَّر أولئك ما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } قال : هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النبيّ صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأمر قالوا : طاعة ، فإذا خرجوا من عنده غيَّرت طائفة منهم ما يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم . { وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } يقول : ما يقولون . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : قوله : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } قال : يغيِّرون ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } وهم ناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنا بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم ، فإذا برزوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا إلى غير ما قالوا عنده فعابهم الله ، فقال : { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } يقول : يغيِّرون ما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } : هم أهل النفاق . وأما رفع « طاعة » فإنه بالمتروك الذي دلّ عليه الظاهر من القول ، وهو : أمرك طاعة ، أو منا طاعة . وأما قوله : { بَيَّتَ طَائِفَةٌ } فإن التاء من بيَّت تحركها بالفتح عامة قراء المدينة والعراق وسائر القراء ، لأنها لام فعل . وكان بعض قراء العراق يسكنها ثم يدغمها في الطاء لمقاربتها في المخرج . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ، ترك الإدغام ، لأنها أعني التاء والطاء من حرفين مختلفين وإذا كان كذلك كان ترك الإدغام أفصح اللغتين عند العرب ، واللغة الأخرى جائزة أعني الإدغام في ذلك محكية . القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } . يقول جلّ ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم : فأعرض يا محمد عن هؤلاء المنافقين الذين يقولون لك فيما تأمرهم : أمرك طاعة ، فإذا برزوا من عندك خالفوا ما أمرتهم به وغيَّروه إلى ما نهيتهم عنه ، وخلّهم وما هم عليه من الضلالة ، وارض لهم بي منتقماً منهم ، وتوكل أنت يا محمد على الله . يقول : أي وحسبك بالله وكيلاً : أي فيما يأمرك ، ووليَّا لها ، ودافعاً عنك وناصراً .