Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 16-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : فأرسلنا على عاد ريحاً صرصراً . واختلف أهل التأويل في معنى الصرصر ، فقال بعضهم : عني بذلك أنها ريح شديدة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ريحاً صَرصَراً } قال : شديدة . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { رِيحاً صَرْصَراً } شديدة السَّموم عليهم . وقال آخرون : بل عنى بها أنها باردة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } قال : الصرصر : الباردة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { رِيحاً صَرْصَراً } قال : باردة . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { رِيحاً صَرْصَراً } قال : باردة ذات الصوت . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { ريحاً صَرْصَراً } يقول : ريحاً فيها برد شديد . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد ، وذلك أن قوله : { صَرْصَراً } إنما هو صوت الريح إذا هبَّت بشدّة ، فسُمع لها كقول القائل : صرر ، ثم جعل ذلك من أجل التضعيف الذي في الراء ، فقال ثم أبدلت إحدى الراءات صاداً لكثرة الراءات ، كما قيل في ردّده : ردرده ، وفي نههه : نهنهه ، كما قال رؤبة : @ فالْيَوْمَ قَدْ نَهْنَهَنِي تَنَهْنُهِي وأوَّلُ حِلْمٍ لَيْسَ بالمُسَفَّهِ @@ وكما قيل في كففه : كفكفه ، كما قال النابغة : @ أُكَفْكِفُ عَبْرَةً غَلَبَتْ عُداتِي إذَا نَهْنَهْتُها عادَتْ ذُباحا @@ وقد قيل : إن النهر الذي يسمى صرصراً ، إنما سمي بذلك لصوت الماء الجاري فيه ، وإنه « فعلل » من صرر نظير الريح الصرصر . وقوله : { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } اختلف أهل التأويل في تأويل النحسات ، فقال بعضهم : عُني بها المتتابعات . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } قال : أيام متتابعات أنزل الله فيهنّ العذاب . وقال آخرون : عِني بذلك المشائيم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { أيَّامٍ نَحِساتٍ } قال : مشائيم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } أيام والله كانت مشؤمات على القوم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : النحسات : المشؤمات النكدات . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } قال : أيام مشؤمات عليهم . وقال آخرون : معنى ذلك : أيام ذات شرّ . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد قوله : { أيَّامٍ نَحِساتٍ } قال : النحس : الشرّ أرسل عليهم ريح شرّ ليس فيها من الخير شيء . وقال آخرون : النحسات : الشداد . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } قال : شداد . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال عنى بها : أيام مشائيم ذات نحوس ، لأن ذلك هو المعروف من معنى النحس في كلام العرب . وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير نافع وأبي عمرو { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } بكسر الحاء ، وقرأه نافع وأبو عمرو : « نَحْساتٍ » بسكون الحاء . وكان أبو عمرو فيما ذكر لنا عنه يحتج لتسكينه الحاء بقوله : { يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٌ } وأن الحاء فيه ساكنة . والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكلّ واحدة منهما قرّاء علماء مع اتفاق معنييهما ، وذلك أن تحريك الحاء وتسكينها في ذلك لغتان معروفتان ، يقال هذا يومٌ نَحْسٌ ، ويومٌ نَحِسٌ ، بكسر الحاء وسكونها قال الفرّاء : أنشدني بعض العرب : @ أبلِغْ جُذَاما وَلَخْما أنَّ إخْوَتُهمْ طَيًّا وَبهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُمْ نَحِسُ @@ وأما من السكون فقول الله { يَوْمِ نَحْسٍ } ومنه قول الراجز : @ يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْماً شَمْساً نَجْمَيْنِ بالسَّعْدِ وَنجْماً نَحْسا @@ فمن كان في لغته : « يَوْمٍ نَحْسٍ » قال : « في أيَّامٍ نَحْساتٍ » ، ومن كان في لغته : { يَوْمِ نَحْسٍ } قال : { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } ، وقد قال بعضهم : النحْس بسكون الحاء : هو الشؤم نفسه ، وإن إضافة اليوم إلى النحس ، إنما هو إضافة إلى الشؤم ، وإن النحِس بكسر الحاء نعت لليوم بأنه مشؤوم ، ولذلك قيل : { في أيَّامٍ نَحِساتٍ } لأنها أيام مشائيم . وقوله : { لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخَزْيِ في الحَياةِ الدُّنْيا } يقول جلّ ثناؤه : ولعذابنا إياهم في الآخرة أخزى لهم وأشدّ إهانة وإذلالاً { وهُمْ لا يُنْصَرُونَ } يقول : وهم يعني عاداً لا ينصرهم من الله يوم القيامة إذا عذّبهم ناصر ، فينقذهم منه ، أو ينتصر لهم .