Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 1-4)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال أبو جعفر : قد تقدم القول منا فيما مضى قبلُ في معنى « حم » ، والقول في هذا الموضع كالقول في ذلك . وقوله : { تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرِّحِيمِ } يقول تعالى ذكره : هذا القرآن تنزيل من عند الرحمن الرحيم نزّله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم { كِتابٌ فُصّلَتْ آياتُهُ } يقول : كتاب بينت آياته كما : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { فُصّلَتْ آياتُهُ } قال : بُيِّنت آياتُه . وقوله : { قُرآناً عَرَبِيًّا } يقول تعالى ذكره : فُصلت آياته هكذا . وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب القرآن ، فقال بعض نحوييِّ البصرة قوله : { كِتابٌ فُصّلت } الكتاب خبر لمبتدأ أخبر أن التنزيل كتاب ، ثم قال : { فُصّلَتْ آياتُهُ قُرآناً عَرَبِيًّا } شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل ، فنصب القرآن ، وقال : { بَشِيراً ونَذِيراً } على أنه صفة ، وإن شئت جعلت نصبه على المدح كأنه حين ذكره أقبل في مدحته ، فقال : ذكرنا قرآناً عربيا بشيراً ونذيراً ، وذكرناه قرآناً عربياً ، وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر . وقال بعض نحوييّ الكوفة : نصب قرآناً على الفعل : أي فصلت آياته كذلك . قال : وقد يكون النصب فيه على القطع ، لأن الكلام تامّ عند قوله « آياته » . قال : ولو كان رفعاً على أنه من نعت الكتاب كان صواباً ، كما قال في موضع آخر : { كِتابٌ أنْزَلْناهُ إلَيْكَ مُبارَكٌ } وقال : وكذلك قوله : { بَشِيراً وَنَذِيراً } فيه ما في { قُرآناً عَربيًّا } . وقوله : { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } يقول : فصلت آيات هذا الكتاب قرآناً عربياً لقوم يعلمون اللسان العربي ، بشيراً لهم يبشرهم إن هم آمنوا به ، وعملوا بما أنزل فيه من حدود الله وفرائضه بالجنة ، { ونذيراً } يقول ومنذراً من كذّب به ولم يعمل بما فيه بأمر الله في عاجل الدنيا ، وخلود الأبد في نار جهنم في آجل الآخرة . وقوله : { فَأعْرَضَ أكْثَرُهُمْ } يقول تعالى ذكره : فاستكبر عن الإصغاء له وتدبر ما فيه من حجج الله ، وأعرض عنه أكثر هؤلاء القوم الذين أنزل هذا القرآن بشيراً لهم ونذيراً ، وهم قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ } يقول : فهم لا يصغون له فيسمعوا إعراضاً عنه واستكباراً .