Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 11-11)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { فَاطِرُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } ، خالق السموات السبع والأرض . كما : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { فاطِرُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : خالق . وقوله : { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجاً } يقول تعالى ذكره : زوّجكم ربكم من أنفسكم أزواجاً . وإنما قال جلّ ثناؤه : { مِنْ أنْفُسِكُمْ } لأنه خلق حوّاء من ضلع آدم ، فهو من الرجال . { وَمِنَ الأنْعامِ أزْوَاجاً } يقول جلّ ثناؤه : وجعل لكم من الأنعام أزواجاً من الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ذكوراً وإناثاً ، ومن كل جنس من ذلك { يَذْرَؤُكُم فِيهِ } : يقول : يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم ، ويعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام . وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } في هذا الموضع ، فقال بعضهم : معنى ذلك : يخلقكم فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قال : نسل بعد نسل من الناس والأنعام . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { يَذْرَؤُكُمْ } قال : يخلقكم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن مجاهد ، في قوله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قال : نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، أنه قال في هذه الآية : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قال : يخلقكم . وقال آخرون : بل معناه : يعيشكم فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجاً وَمِنَ الأنْعام أزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } يقول : يجعل لكم فيه معيشة تعيشون بها . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قال : يعيشكم فيه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } قال : عيش من الله يعيشكم فيه . وهذان القولان وإن اختلفا في اللفظ من قائليهما فقد يحتمل توجيههما إلى معنى واحد ، وهو أن يكون القائل في معناه يعيشكم فيه ، أراد بقوله ذلك : يحييكم بعيشكم به كما يحيى من لم يخلق بتكوينه إياه ، ونفخه الروح فيه حتى يعيش حياً . وقد بيَّنت معنى ذرء الله الخلق فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته . وقوله : { لَيْس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فيه وجهان : أحدهما أن يكون معناه : ليس هو كشيء ، وأدخل المثل في الكلام توكيداً للكلام إذا اختلف اللفظ به وبالكاف ، وهما بمعنى واحد ، كما قيل : @ ما إنْ نَدِيتُ بشَيْءٍ أنْتَ تَكْرَهُهُ @@ فأدخل على « ما » وهي حرف جحد « إن » وهي أيضاً حرف جحد ، لاختلاف اللفظ بهما ، وإن اتفق معناهما توكيداً للكلام ، وكما قال أوس بن حَجَر : @ وَقَتْلَى كمِثْلِ جُذوعِ النَّخيل ْتَغَشَّاهُمْ مُسْبِلٌ مُنْهَمِرْ @@ ومعنى ذلك : كجذوع النخيل ، وكما قال الآخر : @ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ إذَا أبْصَرْتَ فَضْلَهُمُ ما إنْ كمِثْلِهِمِ فِي النَّاسِ مِنَ أحَدِ @@ والآخر : أن يكون معناه : ليس مثله شيء ، وتكون الكاف هي المدخلة في الكلام ، كقول الراجز : @ وَصَالِياتِ كَكَما يُؤْثَفَيْنِ @@ فأدخل على الكاف كافاً توكيداً للتشبيه ، وكما قال الآخر : @ تَنْفِي الغَيادِيقُ عَلى الطَّرِيقِ قَلَّصَ عَنْ كَبَيْضَةٍ فِي نِيقِ @@ فأدخل الكاف مع « عن » ، وقد بيَّنا هذا في موضع غير هذا المكان بشرح هو أبلغ من هذا الشرح ، فلذلك تجوّزنا في البيان عنه في هذا الموضع . وقوله : { وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } يقول جلّ ثناؤه واصفاً نفسه بما هو به ، وهو يعني نفسه : السميع لما تنطق به من خلقه قول ، البصير لأعمالهم ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ، ولا يعزب عنه علم شيء منه ، وهو محيط بجميعه ، محصٍ صغيره وكبيره { لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } من خير أو شرّ .