Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 26-26)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ويجيب الذين آمنوا بالله ورسوله ، وعملوا بما أمرهم الله به ، وانتهوا عما نهاهم عنه لبعضهم دعاء بعض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام ، قال : ثنا الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن سلمة بن سبرة ، قال : خطبنا معاذ ، فقال : أنتم المؤمنون ، وأنتم أهل الجنة ، والله إني لأرجو أن من تصيبون من فارس والروم يدخلون الجنة ، ذلك بأن أحدهم إذا عمل لأحدكم العمل قال : أحسنت رحمك الله ، أحسنت غفر الله لك ، ثم قرأ : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } . وقوله : { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } يقول تعالى ذكره : ويزيد الذين آمنوا وعملوا الصالحات مع إجابته إياهم دعاءهم ، وإعطائه إياهم مسألتهم من فضله على مسألتهم إياه ، بأن يعطيهم ما لم يسألوه . وقيل : إن ذلك الفضل الذي ضمن جلّ ثناؤه أن يزيدهموه ، هو أن يشفعهم في إخوان إخوانهم إذا هم شفعوا في إخوانهم ، فشفعوا فيهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابيّ ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن بشر ، عن قتادة ، عن إبراهيم النخعيّ في قول الله عزّ وجلّ : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ } قال : يُشَفَّعون في إخوانهم ، ويزدهم من فضله ، قال : يشفعون في إخوان إخوانهم . وقوله : { والكافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } يقول جلّ ثناؤه : والكافرون بالله لهم يوم القيامة عذاب شديد على كفرهم به . واختلف أهل العربية في معنى قوله : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا } فقال بعضهم : أي استجاب فجعلهم هم الفاعلين ، فالذين في قوله رفع ، والفعل لهم . وتأويل الكلام على هذا المذهب : واستجاب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لربهم إلى الإيمان به ، والعمل بطاعته إذ دعاهم إلى ذلك . وقال آخر منهم : بل معنى ذلك : ويجيب الذين آمنوا . وهذا القول يحتمل وجهين : أحدهما الرفع ، بمعنى : ويجيب الله الذين آمنوا . والآخر ما قاله صاحب القول الذي ذكرنا . وقال بعض نحويي الكوفة : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا } يكون « الذين » في موضع نصب بمعنى : ويجيب الله الذين آمنوا . وقد جاء في التنزيل : { فاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } والمعنى : فأجاب لهم ربهم ، إلا أنك إذا قلت استجاب ، أدخلت اللام في المفعول وإذا قلت أجاب حذفت اللام ، ويكون استجابهم ، بمعنى : استجاب لهم ، كما قال جلّ ثناؤه : { وَإذَا كالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ } والمعنى والله أعلم : وإذا كالوا لهم ، أو وزنوا لهم { يُخْسِرُونَ } قال : ويكون « الذين » في موضع رفع إن يجعل الفعل لهم ، أي الذين آمنوا يستجيبون لله ، ويزيدهم على إجابتهم ، والتصديق به من فضله . وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول على ما تأوّله ومن ذكرنا قوله فيه .