Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 30-31)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وما يصيبكم أيها الناس من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم { فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ } يقول : فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم ، فلا يعاقبكم بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، قال : قرأت في كتاب أبي قلابة ، قال : نزلت : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ } وأبو بكر رضي الله عنه يأكل ، فأمسك فقال : يا رسول الله إني لراءٍ ما عملت من خير أو شر ؟ فقال : " أرأيْتَ ما رأيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مِنْ مَثاقِيل ذَرّ الشَّرّ ، وَتَدّخِرُ مَثاقِيلَ الخَيْرِ حتى تُعْطاهُ يَوْمَ القِيامَةِ " ، قال : قال أبو إدريس : فأرى مصداقها في كتاب الله ، قال : { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } . قال أبو جعفر : حدّث هذا الحديث الهيثم بن الربيع ، فقال فيه أيوب عن أبي قلابة ، عن أنس ، أن أبا بكر رضي الله عنه كان جالساً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث ، وهو غلط ، والصواب عن أبي إدريس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ … } الآية « ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يُصِيبُ ابْن آدَمَ خَدْشُ عُودٍ ، وَلا عَثْرَةُ قَدَم ، وَلا اخْتِلاجُ عِرْقٍ إلاَّ بذَنْب ، وَما يَعْفُو عَنْهُ أكْثرُ " حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيديكم … } الآية ، قال : يعجل للمؤمنين عقوبتهم بذنوبهم ولا يؤاخذون بها في الآخرة . وقال آخرون : بل عنى بذلك : وما عوقبتم في الدنيا من عقوبة بحدّ حُددِتموه على ذنب استوجبتموه عليه فبما كسبت أيديكم : يقول : فبما عملتم من معصية الله { وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } فلا يوجب عليكم فيها حدّاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن { وَما أصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ … } الآية ، قال : هذا في الحدود . وقال قتادة : بلغنا أنه ما من رجل يصيبه عثرة قدم ولا خدش عود أو كذا وكذا إلا بذنب ، أو يعفو ، وما يعفو أكثر . وقوله : { وَما أنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ } يقول : وما أنتم أيها الناس بمفيتي ربكم بأنفسكم إذا أراد عقوبتكم على ذنوبكم التي أذنبتموها ، ومعصيتكم إياه التي ركبتموها هرباً في الأرض ، فمعجزيه ، حتى لا يقدر عليكم ، ولكنكم حيث كنتم في سلطانه وقبضته ، جارية فيكم مشيئته { وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ وَلِيّ } يليكم بالدفاع عنكم إذا أراد عقوبتكم على معصيتكم إياه { ولا نَصِيرٍ } يقول : ولا لكم من دونه نصير ينصركم إذا هو عاقبكم ، فينتصر لكم منه ، فاحذروا أيها الناس معاصيه ، واتقوه أن تخالفوه فيما أمركم أو نهاكم ، فإنه لا دافع لعقوبته عمن أحلها به .