Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 43-44)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ولمن صبر على إساءة من أساء إليه ، وغفر للمسيء إليه جرمه إليه ، فلم ينتصر منه ، وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله وجزيل ثوابه { إنَّ ذلكَ لِمنْ عَزْم الأُموُرِ } يقول : إن صبره ذلك وغفرانه ذنب المسيء إليه ، لمن عزم الأمور التي ندب إليها عباده ، وعزم عليهم العمل به { وَمَنْ يُضْلِل اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيّ مِنْ بَعْدِهِ } يقول : ومن خذله الله عن الرشاد ، فليس له من وليّ يليه ، فيهديه لسبيل الصواب ، ويسدّده من بعد إضلال الله إياه { وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رأَوُا العَذَابَ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وترى الكافرين بالله يا محمد يوم القيامة لما عاينوا عذاب الله يقولون لربهم : { هَلْ } لنا يا ربّ { إلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ } وذلك كقوله { وَلَو تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنا وَسِمعْنا … } الآية ، استعتب المساكين في غير حين الاستعتاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { هَلْ إلى مَرَدّ مِنْ سَبِيلٍ } يقول : إلى الدنيا . واختلف أهل العربية في وجه دخول « إن » في قوله : { إنَّ ذَلكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } مع دخول اللام في قوله : { وَلَمِنْ صَبَر وَغَفَرَ } فكان نحويّ أهل البصرة يقول في ذلك : أما اللام التي في قوله : { وَلَمَنْ صَبَرَ وغَفَرَ } فلام الابتداء ، وأما إن ذلك فمعناه والله أعلم : إن ذلك منه من عزم الأمور ، وقال : قد تقول : مررت بالدار الذراع بدرهم : أي الذراع منها بدرهم ، ومررت ببرّ قفيز بدرهم ، أي قفيز منه بدرهم . قال : وأما ابتداء « إن » في هذا الموضع ، فمثل { قُلْ إنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } يجوز ابتداء الكلام ، وهذا إذا طال الكلام في هذا الموضع . وكان بعضهم يستخطيء هذا القول ويقول : إن العرب إذا أدخلت اللام في أوائل الجزاء أجابته بجوابات الأيمان بما ، ولا ، وإنّ واللام : قال : وهذا من ذاك ، كما قال : { لئن أُخْرِجُوا لا يَخْرَجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ } فجاء بلا وباللام جواباً للام الأولى . قال : ولو قال : لئن قمت إني لقائم لجاز ولا حاجة به إلى العائد ، لأن الجواب في اليمين قد يكون فيه العائد ، وقد لا يكون ألا ترى أنك تقول : لئن قمت لأقومنَّ ، ولا أقوم ، وإني لقائم فلا تأتي بعائد . قال : وأما قولهم : مررت بدار الذراع بدرهم وببرّ قفيز بدرهم ، فلا بدّ من أن يتصل بالأوّل بالعائد ، وإنما يحذف العائد فيه ، لأن الثاني تبعيض للأوّل مررت ببرّ بعضه بدرهم ، وبعضه بدرهم فلما كان المعنى التبعيض حذف العائد . قال : وأما ابتداء « إن » في كل موضع إذا طال الكلام ، فلا يجوز أن تبتديء إلا بمعنى : قل إن الموت الذي تفرّون منه ، فإنه جواب للجزاء ، كأنه قال : ما فررتم منه من الموت ، فهو ملاقيكم . وهذا القول الثاني عندي أولى في ذلك بالصواب للعلل التي ذكرناها .