Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 41-42)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ولمن انتصر ممن ظلمه من بعد ظلمه إياه { فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } يقول : فأولئك المنتصرون منهم لا سبيل للمنتصر منهم عليهم بعقوبة ولا أذى ، لأنهم انتصروا منهم بحقّ ، ومن أخذ حقه ممن وجب ذلك له عليه ، ولم يتعدّ ، لم يظلم ، فيكون عليه سبيل . وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك ، فقال بعضهم : عني به كلّ منتصر ممن أساء إليه ، مسلماً كان المسيء أو كافراً . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا معاذ ، قال : ثنا ابن عون ، قال : كنت أسأل عن الانتصار { وَلَمن انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ … } الآية ، فحدثني عليّ بن زيد بن جدعان ، عن أمّ محمد امرأة أبيه ، قال ابن عون : زعموا أنها كانت تدخل على أمّ المؤمنين قالت : قالت أمّ المؤمنين : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندنا زينب بنت جحش ، فجعل يصنع بيده شيئاً ، ولم يفطن لها ، فقلت بيدي حتى فطَّنته لها ، فأمسك ، وأقبلت زينب تقحم لعائشة ، فنهاها ، فأبت أن تنتهي ، فقال لعائشة : « سُبيها » فسبتها وغلبتها وانطلقت زينب فأتت علياً ، فقالت : إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم ، فجاءت فاطمة ، فقال لها : « إنها حِبَّة أبيك ورَبّ الكَعْبَة » ، فانصرفت وقالت لعليّ : إني قلت له كذا وكذا ، فقال كذا وكذا قال : وجاء عليّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فكلَّمه في ذلك . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَمَنِ انْتَصَر بَعْدَ ظُلْمِهِ … } الآية ، قال : هذا في الخمش يكون بين الناس . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } قال : هذا فيما يكون بين الناس من القصاص ، فأما لو ظلمك رجل لم يحلّ لك أن تظلمه . وقال آخرون : بل عُنِي به الانتصار من أهل الشرك ، وقال : هذا منسوخ . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلَمَنِ انْتَصَر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } قال : لمن انتصر بعد ظلمه من المؤمنين انتصر من المشركين وهذا قد نسخ ، وليس هذا في أهل الإسلام ، ولكن في أهل الإسلام الذي قال الله تبارك وتعالى : { ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ ، فإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كأنَّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ } والصواب من القول أن يقال : إنه معنيّ به كلّ منتصر من ظالمه ، وأن الآية محكمة غير منسوخة للعلة التي بينت في الآية قبلها . وقوله : { إنَّمَا السَّبِيلُ على الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ } يقول تبارك وتعالى : إنما الطريق لكم أيها الناس على الذين يتعدّون على الناس ظلماً وعدواناً ، بأن يعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممن ظلمه ، فأخذ منه حقه . وقوله : { وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بغَيْرِ الحَقِّ } يقول : ويتجاوزون في أرض الله الحدّ الذي أباح لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه ، فيفسدون فيها بغير الحقّ { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ } يقول : فهؤلاء الذين يظلمون الناس ، ويبغون في الأرض بغير الحقّ ، لهم عذاب من الله يوم القيامة في جهنم مؤلم موجع .