Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 11-12)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بقَدَرٍ } يعني : ما نزَّل جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر : يقول : بمقدار حاجتكم إليه ، فلم يجعله كالطوفان ، فيكون عذاباً كالذي أنزل على قوم نوح ، ولا جعله قليلاً ، لا ينبت به النبات والزرع من قلَّته ، ولكنه جعله غيثاً مغيثاً ، وَحَياً للأرض الميتة محيياً { فَأنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً } يقول جلّ ثناؤه : فأحيينا به بلدة من بلادكم ميتاً ، يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع ، قد درست من الجدوب ، وتعفنت من القحوط { كَذلكَ تُخْرَجُونَ } يقول تعالى ذكره : كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزّلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع ، كذلك أيها الناس تُخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتاً بالماء الذي أنزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بقَدَرٍ … } الآية ، كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة وقيل : أنشرنا به ، لأن معناه : أحيينا به ، ولو وصفت الأرض بأنها أحييت ، قيل : نشرت الأرض ، كما قال الأعشى : @ حتى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رأَوْا يا عَجَباً للْمَيِّتِ النَّاشِرِ @@ وقوله : { وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كلَّها } يقول تعالى ذكره : والذي خلق كلّ شيء فزوّجه ، أي خلق الذكور من الإناث أزواجاً ، والإناث من الذكور أزواجاً { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الفُلْكِ } وهي السفن { والأنْعامِ } وهي البهائم { ما تَرْكَبُونَ } يقول : جعل لكم من السفن ما تركبونه في البحار إلى حيث قصدتم واعتمدتم في سيركم فيها لمعايشكم ومطالبكم ، ومن الأنعام ما تركبونه في البرّ إلى حيث أردتم من البلدان ، كالإبل والخيل والبغال والحمير .