Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 31-32)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله : هذا سحر ، فإن كان حقاً فهلا نزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف . واختُلف في الرجل الذي وصفوه بأنه عظيم ، فقالوا : هلاَّ نزل عليه هذا القرآن ، فقال بعضهم : هلاَّ نزل على الوليد بن المُغيرة المخزومي من أهل مكة ، أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف ؟ . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { لَوْلا نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنَ عَظِيمٍ } قال : يعني بالعظيم : الوليد بن المغيرة القرشيّ ، أو حبيب بن عمرو بن عُمير الثقفي ، وبالقريتين : مكة والطائف . وقال آخرون : بل عُنِي به عُتْبةُ بن ربيعة من أهل مكة ، وابن عبد يالِيل ، من أهل الطائف . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عَلَى { رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } قال عتبة بن ربيعة من أهل مكة ، وابن عبد ياليل الثقفي من الطائف . وقال آخرون : بل عني به من أهل مكة : الوليد بن المُغيرة ، ومن أهل الطائف : ابن مسعود . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } قال : الرجل : الوليد بن المغيرة ، قال : لو كان ما يقول محمد حقاً أنزل عليّ هذا ، أو على ابن مسعود الثقفي ، والقريتان : الطائف ومكة ، وابن مسعود الثقفي من الطائف اسمه عروة بن مسعود . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لَوْلا نُزِّلَ هَذَا القُرآنُ على رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } والقريتان : مكة والطائف قال : قد قال ذلك مشركو قريش ، قال : بلغنا أنه ليس فخذ من قريش إلا قد ادّعته ، وقالوا : هو منا ، فكنا نحدّث أن الرجلين : الوليد بن المغيرة ، وعروة الثقفي ابن مسعود ، يقولون : هلا كان أُنزل على أحد هذين الرجلين . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب : قال ابن زيد ، في قوله : { لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } قال : كان أحد العظيمين عروة بن مسعود الثقفي ، كان عظيم أهل الطائف . وقال آخرون : بل عني به من أهل مكة : الوليد بن المغيرة ، ومن أهل الطائف : كنانة بن عَبدِ بن عمرو . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَقالُوا لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْن عَظِيمٍ } قال : الوليد ابن المغيرة القرشي ، وكنانة بن عبد بن عمرو بن عمير ، عظيم أهل الطائف . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال جلّ ثناؤه ، مخبراً عن هؤلاء المشركين وَقالُوا { لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنَ على رَجُل مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } إذ كان جائزاً أن يكون بعض هؤلاء ، ولم يضع الله تبارك وتعالى لنا الدلالة على الذين عُنُوا منهم في كتابه ، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، والاختلاف فيه موجود على ما بيَّنت . وقوله : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } يقول تعالى ذكره : أهؤلاء القائلون : لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم يا محمد ، يقسمون رحمة ربك بين خلقه ، فيجعلون كرامته لمن شاؤوا ، وفضله لمن أرادوا ، أم الله الذي يقسم ذلك ، فيعطه من أحبّ ، ويحرمه مَنْ شاء ؟ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن سعيد ، قال : ثنا بشر بن عمارة ، عن أبي رَوْق ، عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : لما بعث الله محمداً رسولاً ، أنكرت العرب ذلك ، ومن أنكر منهم ، فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد ، قال : فأنزل الله عزّ وجلّ : { أكانَ للنَّاسِ عَجَباً أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُل مِنْهُمْ أنْ أَنْذِر النَّاسَ } وقال { وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نُوحِي إلَيْهِمْ ، فاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْر } ِ يعني : أهل الكتب الماضية ، أبشراً كانت الرسل التي أتتكم أم ملائكة ؟ فإن كانوا ملائكة أتتكم ، وإن كانوا بشراً فلا تنكرون أن يكون محمد رسولاً : قال : ثم قال : { وَما أرْسَلَنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نُوحِي إلَيْهِمْ مِنْ أهْلِ القُرَى } أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم قال : فلما كرّر الله عليهم الحجج قالوا ، وإذ كان بشراً فغير محمد كان أحقّ بالرسالة { فلَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنَ على رَجُل مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } يقولون : أشرف من محمد صلى الله عليه وسلم ، يعنون الوليد بن المغيرة المخزومي ، وكان يسمى ريحانة قريش ، هذا من مكة ، ومسعود بن عمرو بن عبيد الله الثقفي من أهل الطائف ، قال : يقول الله عزّ وجلّ ردّاً عليهم { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } أنا أفعل ما شئت . وقوله : { نَحْن قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنيْا } يقول تعالى ذكره : بل نحن نقسم رحمتنا وكرامتنا بين من شئنا من خلقنا ، فنجعل من شئنا رسولاً ، ومن أردنا صدّيقاً ، ونتخذ من أردنا خليلاً ، كما قسمنا بينهم معيشتهم التي يعيشون بها في حياتهم الدنيا من الأرزاق والأقوات ، فجعلنا بعضهم فيها أرفع من بعض درجة ، بل جعلنا هذا غنياً ، وهذا فقيراً ، وهذا ملكاً ، وهذا مملوكاً { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضا سُخْرِيًّا } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : قال الله تبارك وتعالى { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنيْا } فتلقاه ضعيف الحيلة ، عيي اللسان ، وهو مبسوط له في الرزق ، وتلقاه شديد الحيلة ، سليط اللسان ، وهو مقتور عليه ، قال الله جلّ ثناؤه : { نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الحَياةِ الدُّنيْا } كما قسم بينهم صورهم وأخلاقهم تبارك ربنا وتعالى . وقوله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } يقول : ليستسخر هذا هذا في خدمته إياه ، وفي عود هذا على هذا بما في يديه من فضل ، يقول : جعل تعالى ذكره بعضاً لبعض سبباً في المعاش في الدنيا . وقد اختلف أهل التأويل فيما عنى بقوله : { لِيتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } فقال بعضهم : معناه ما قلنا فيه . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } قال : يستخدم بعضهم بعضاً في السخرة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } قال : هم بنو آدم جميعاً ، قال : وهذا عبد هذا ، ورفع هذا على هذا درجة ، فهو يسخره بالعمل ، يستعمله به ، كما يقال : سخر فلان فلاناً . وقال بعضهم : بل عنى بذلك : ليملك بعضهم بعضاً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، في قوله : { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } يعني بذلك : العبيد والخدم سخر لهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّاً } مِلْكة . وقوله : { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يقول تعالى ذكره : ورحمة ربك يا محمد بإدخالهم الجنة خير لهم مما يجمعون من الأموال في الدنيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يعني الجنة . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ } يقول : الجنة خير مما يجمعون في الدنيا .