Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 29-31)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : فما بكت على هؤلاء الذين غرّقهم الله في البحر ، وهم فرعون وقومه ، السماء والأرض ، وقيل : إن بكاء السماء حمرة أطرافها . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن الحكم بن ظهير ، عن السديّ قال : لما قتل الحسين بن عليّ رضوان الله عليهما بكت السماء عليه ، وبكاؤها حمرتها . حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء في قوله : { فَمَا بَكَت عَلَيْهمُ السَّماءُ والأرْضُ } قال : بكاؤها حمرة أطرافها . وقيل : إنما قيل : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } لأن المؤمن إذا مات ، بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً ، ولم تبكيا على فرعون وقومه ، لأنه لم يكن لهم عمل يَصْعد إلى الله صالح ، فتبكي عليهم السماء ، ولا مسجد في الأرض ، فتبكي عليهم الأرض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن المنهال ، عن سعيد بن جُبير ، قال : أتى ابن عباس رجل ، فقال : يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالى { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّماءُ والأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ } فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه ، وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله ، وينزل منه رزقه ، بكى عليه وإذا فقده مُصلاَّه من الأرض التي كان يصلي فيها ، ويذكر الله فيها بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى السماء منهم خير ، قال : فلم تبكِ عليهم السماء والأرض . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ويحيى قالا : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : كان يقال : تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي يحيى القَتَّات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس بمثله . حدثني يحيى بن طلحة ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : حُدثت أن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قال : ثنا بكير بن أبي السميط ، قال : ثنا قتادة ، عن سعيد بن جُبير أنه كان يقول : إن بقاع الأرض التي كان يصعد عمله منها إلى السماء تبكي عليه بعد موته ، يعني المؤمن . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن المنهال ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس { فَمَا بَكَتِ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } قال : إنه ليس أحد إلا له باب في السماء ينزل فيه رزقه ويصعد فيه عمله ، فإذا فُقِد بكت عليه مواضعه التي كان يسجد عليها ، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض عمل صالح يقبل منهم ، فيصعد إلى الله عزّ وجلّ ، فقال مجاهد : تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد قال : كان يقال : إن المؤمن إذا مات بكت عليه الأرض أربعين صباحاً . حدثنا يحيى بن طلحة ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الإسْلامَ بَدأ غَرِيباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً ، ألا لا غُرْبَةَ على المُؤْمن ، ما ماتَ مُؤْمِنٌ فِي غُرْبَةٍ غابَتْ عَنْهُ فِيها بَوَاكِيهِ إلاَّ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّماءُ والأرْضُ " ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } ، ثم قال : " إنَّهُما لا يَبْكِيانِ على الكافِرِ " حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ … } الآية ، قال : ذلك أنه ليس على الأرض مؤمن يموت إلا بكى عليه ما كان يصلي فيه من المساجد حين يفقده ، وإلا بكى عليه من السماء الموضعُ الذي كان يرفع منه كلامه ، فذلك قوله لأهل معصيته : { فَمَا بَكَت عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ ، وَما كانُوا مُنْظَرِينَ } لأنهما يبكيان على أولياء الله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } يقول : لا تبكي السماء والأرض على الكافر ، وتبكي على المؤمن الصالح معالمُه من الأرض ومقرُّ عمله من السماء . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { فَمَا بَكتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرْضُ } قال : بقاع المؤمن التي كان يصلي عليها من الأرض تبكي عليه إذا مات ، وبقاعه من السماء التي كان يرفع فيها عمله . وحدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن المنهال ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : سُئل ابن عباس : هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال : نعم إنه ليس أحد ، من الخلق إلا له باب في السماء يصعد فيه عمله ، وينزل منه رزقه ، فإذا مات بكى عليه مكانه من الأرض الذي كان يذكر الله فيه ويصلي فيه ، وبكى عليه بابه الذي كان يصعد فيه عمله ، وينزل منه رزقه . وأما قوم فرعون ، فلم يكن لهم آثار صالحة ، ولم يصعد إلى السماء منهم خير ، فلم تبكِ عليهم السماء والأرض . وقوله : { وَما كانُوا مُنْظَرِينَ } يقول : وما كانوا مؤخرين بالعقوبة التي حلَّت بهم ، ولكنهم عوجلوا بها إذ أسخطوا ربهم عزّ وجلّ عليهم { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بنِي إسْرَائِيلَ مِنَ العَذَابِ المُهِينِ } : يقول تعالى ذكره : ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب الذي كان فرعون وقومه يعذّبونَهُم به ، المهين يعني المذلّ لهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إسْرائِيلَ مِنَ العَذاب المُهِين } بقتل أبنائهم ، واستحياء نسائهم . وقوله : { مِنْ فِرْعَوْنَ إنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ المُسْرِفِينَ } يقول تعالى ذكره : ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب من فرعون ، فقوله : { مِنْ فِرْعَوْنَ } مكرّرة على قوله : { مِنَ العَذَابِ المُهِينِ } مبدلة من الأولى . ويعني بقوله : { إنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ المُسْرِفِينَ } إنه كان جباراً مستعلياً مستكبراً على ربه ، { مِنَ المُسْرِفِينَ } يعني : من المتجاوزين ما ليس لهم تجاوزه . وإنما يعني جلّ ثناؤه أنه كان ذا اعتداء في كفره ، واستكبار على ربه جلّ ثناؤه .