Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 29-29)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : لكلّ أمة دعيت في القيامة إلى كتابها الذي أملت على حفظتها في الدنيا { اليَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فلا تجزعوا من ثوابناكم على ذلك ، فإنكم ينطق عليكم إن أنكرتموه بالحقّ فاقرأوه { إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } يقول : إنا كنا نستكتب حفظتنا أعمالكم ، فتثبتها في الكتب وتكتبها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن عطاء بن مقسم ، عن ابن عباس { هَذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بالحَقّ } قال : هو أمّ الكتاب فيه أعمال بني آدم { إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } قال : نعم ، الملائكة يستنسخون أعمال بني آدم . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، قال : ثني أخي عيسى بن عبد الله بن ثابت الثُّمالي ، عن ابن عباس ، قال : « إن الله خلق النون وهي الدواة ، وخلق القلم ، فقال : اكتب ، قال : ما أكتب ، قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول ، برّ أو فجور ، أو رزق مقسوم ، حلال أو حرام ، ثم ألزم كلّ شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا ، ومقامه فيها كم ، وخروجه منه كيف ، ثم جعل على العباد حفظة ، وعلى الكتاب خزاناً ، فالحفظة ينسخون كلّ يوم من الخزان عمل ذلك اليوم ، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر ، وانقضى الأجل ، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم ، فتقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئاً ، فترجع الحفظة ، فيجدونهم قد ماتوا ، قال : فقال ابن عباس : ألستم قوماً عرباً تسمعون الحفظة يقولون : إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وهل يكون الاستنساخ إلاَّ من أصل ؟ » . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس { هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بالحَقّ } قال : الكتاب : الذكر { إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } قال : نستنسخ الأعمال . وقال آخرون في ذلك ما : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا النضر بن إسماعيل ، عن أبي سنان الشيبانيّ ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إن لله ملائكة ينزلون في كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم . وقوله : { فأمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، فَيُدْخِلُهُم رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ } يقول تعالى ذكره : فأما الذين آمنوا بالله في الدنيا فوحدوه ، ولم يشركوا به شيئاً ، وعملوا الصالحات : يقول : وعملوا بما أمرهم الله به ، وانتهوا عما نهاهم الله عنه { فَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَتِهِ } يعني في جنته برحمته . وقوله : { ذلكَ هُوَ الفَوْزُ المُبِينُ } يقول : دخولهم في رحمة الله يومئذٍ هو الظفر بما كانوا يطلبونه ، وإدراك ما كانوا يسعون في الدنيا له ، المبين غايتهم فيها ، أنه هو الفوز .