Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 24-24)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه ، فرأوه سحاباً عارضاً في ناحية من نواحي السماء { مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ } والعرب تسمي السحاب الذي يُرَى في بعض أقطار السماء عشياً ، ثم يصبح من الغد قد استوى ، وحبا بعضه إلى بعض عارضاً ، وذلك لعرضه في بعض أرجاء السماء حين نشأ ، كما قال الأعشى : @ يا مَنْ يَرَى عارِضا قَدْ بِتُّ أرْمُقُهُ كأنَّمَا الْبَرْقُ في حافاتِهِ الشُّعَلُ @@ { قالُوا هَذَا عارِضٌ مِمْطِرُنا } ظناً منهم برؤيتهم إياه أن غيثاً قد أتاهم يَحيون به ، فقالوا : هذا الذي كان هودٌ يعدنا ، وهو الغيث . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَلَمَّا رأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ … } الآية ، وذُكر لنا أنهم حبس عنهم المطر زماناً ، فلما رأوا العذاب مقبلاً ، { قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا } . وذُكر لنا أنهم قالوا : كذب هود كذب هود فلما خرج نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فشامه ، قال : { بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ ألِيمٌ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ساق الله السحابة السوداء التي اختار قَيْلُ ابن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد لهم يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا ، و { قَالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنَا } : يقول الله عزّ وجلّ : { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ ألِيمٌ } . وقوله : { بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نبيه صلى الله عليه وسلم هود لقومه لما قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب ، قد عرض لهم في السماء هذا عارض ممطرنا نحيا به ، ما هو بعارض غيث ، ولكنه عارض عذاب لكم ، بل هو ما استعجلتم به : أي هو العذاب الذي استعجلتم به ، فقلتم : { ائْتِنا بِمَا تَعِدُنا إنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } { رِيحٌ فِيها عَذابٌ ألِيمٌ } . والريح مكرّرة على ما في قوله : { هُوَ ما اسْتَعْجَلْتمْ بِهِ } كأنه قيل : بل هو ريح فيها عذاب أليم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : كان هود جلداً في قومه ، وإنه كان قاعداً في قومه ، فجاء سحاب مكفهرّ ، فـ { قالوا هذا عارض ممطرنا } فقال : { بَلْ هُوَ ما اسْتَعْجَلْتمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ ألِيمٌ } قال : فجاءت ريح فجعلت تلقي الفسطاط ، وتجيء بالرجل الغائب فتلقيه . حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال سليمان ، ثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : لقد كانت الريح تحمل الظعينة فترفعها حتى تُرى كأنها جرادة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَلَمَّا رأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقِبلَ أوْديَتِهِمْ … } إلى آخر الآية ، قال : هي الريح إذا أثارت سحاباً ، { قَالُوا هَذا عارِضٌ مُمْطِرُنا } ، فقال نبيهم : بل ريح فيها عذاب أليم .