Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 31-32)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ } أيها المؤمنون بالقتل ، وجهاد أعداء الله { حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ } يقول : حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم ، وأهل الصبر على قتال أعدائه ، فيظهر ذلك لهم ، ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشكّ والحَيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلو أخباركم ، فنعرف الصادق منكم من الكاذب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { حتى نَعْلَمَ المُجاهِدينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ } ، وقوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الخَوْف والجُوعِ } ونحو هذا قال : أخبر الله سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء ، وأنه مبتليهم فيها ، وأمرهم بالصبر ، وبشَّرهم فقال : وَبَشِّر الصَّابِرِينَ ، ثم أخبرهم أنه هكذا فعل بأنبيائه ، وصفوته لتطيب أنفسهم ، فقال : مَسَّتْهُمُ البأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا ، فالبأساء : الفقر ، والضرّاء : السقم ، وزُلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ } قال : نختبركم ، البلوى : الاختبار . وقرأ { الم أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } قال : لا يختبرون { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ … } الآية . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أخْبارَكُمْ } ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بالنون « نبلو » و « نعلم » ، ونبلو على وجه الخبر من الله جلّ جلاله عن نفسه ، سوى عاصم فإنه قرأ جميع ذلك بالياء والنون هي القراءة عندنا لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وإن كان للأخرى وجه صحيح . وقوله : { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } يقول تعالى ذكره : إن الذين جحدوا توحيد الله ، وصدّوا الناس عن دينه الذي ابتعث به رسله { وَشاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى } يقول : وخالفوا رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ، فحاربوه وآذَوه من بعد ما علموا أنه نبيّ مبعوث ، ورسول مرسل ، وعرفوا الطريق الواضح بمعرفته ، وأنه لله رسول . وقوله : { لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً } لأن الله بالغ أمره ، وناصر رسوله ، ومُظهره على من عاداه وخالفه { وسَيُحْبِطُ أعمالَهُمْ } يقول : وسيذهب أعمالهم التي عملوها في الدنيا فلا ينفعهم بها في الدنيا ولا الآخرة ، ويبطلها إلا مما يضرّهم .