Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ } بالحديبية من أصحابك على أن لا يفرّوا عند لقاء العدوّ ، ولا يولُّوهم الأدبار { إنَّمَا يُبايِعُونَ اللَّهَ } يقول : إنما يبايعون ببيعتهم إياك الله ، لأن الله ضمن لهم الجنة بوفائهم له بذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ } قال : يوم الحديبية . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إنَّمَا يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فإنَّمَا يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ } وهم الذين بايعوا يوم الحديبية . وفي قوله : { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ } وجهان من التأويل : أحدهما : يد الله فوق أيديهم عند البيعة ، لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صلى الله عليه وسلم والآخر : قوّة الله فوق قوّتهم في نُصرة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم إنما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نُصرته على العدوّ . وقوله : { فَمَنْ نَكَثَ فإنَّمَا يَنْكُثُ على نَفْسِهِ } يقول تعالى ذكره : فمن نكث بيعته إياك يا محمد ، ونقضها فلم ينصرك على أعدائك ، وخالف ما وعد ربه { فإنَّمَا يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ } يقول : فإنما ينقض بيعته ، لأنه بفعله ذلك يخرج ممن وعده الله الجنة بوفائه بالبيعة ، فلم يضرّ بنكثه غير نفسه ، ولم ينكث إلا عليها ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى ناصره على أعدائه ، نكث الناكث منهم ، أو وفى ببيعته . وقوله : { وَمَنْ أوْفَى بِمَا عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ … } الآية ، يقول تعالى ذكره : ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند لقاء العدوّ في سبيل الله ونُصرة نبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه { فَسَيُؤْتِيهِ أجْراً عَظِيماً } يقول : فسيعطيه الله ثواباً عظيماً ، وذلك أن يُدخله الجنة جزاءً له على وفائه بما عاهد عليه الله ، ووثق لرسوله على الصبر معه عند البأس بالمؤكدة من الأيمان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَسَيؤْتِيهِ أجْراً عَظِيماً } وهي الجنة .