Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 8-9)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { إنَّا أرْسَلْناكَ } يا محمد { شاهِداً } على أمتك بما أجابوك فيما دعوَتهم إليه ، مما أرسلتك به إليهم من الرسالة ، { ومُبَشِّراً } لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيِّم ، ونذيرا لهم عذاب الله إن هم تولَّوْا عما جئتهم به من عند ربك . ثم اختلفت القرّاء في قراءة قوله : { لِتُؤْمِنُوا باللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهِ } فقرأ جميع ذلك عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر المدني وأبي عمرو بن العلاء ، بالتاء { لِتُؤْمِنُوا ، وتُعَزّرُوهُ ، وَتُوَقِّرُوهُ ، وَتُسَبِّحُوهُ } بمعنى : لتؤمنوا بالله ورسوله أنتم أيها الناس . وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرو كله بالياء « لِيُؤْمِنُوا ، ويُعَزّرُوهُ ، ويُوَقِّرُوهُ ، ويُسَبِّحُوهُ » بمعنى : إنا أرسلناك شاهداً إلى الخلق ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزّروه . والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّا أرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } يقول : شاهداً على أمته على أنه قد بلغهم ومبشراً بالجنة لمن أطاع الله ، ونذيراً من النار . وقوله : { وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : تجلّوه ، وتعظموه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس « وَيُعَزِّرُوهُ » يعني : الإجلال « وَيُوَقِّرُوهُ » يعني : التعظيم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : « وَيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ » كل هذا تعظيم وإجلال . وقال آخرون : معنى قوله : « وَيُعَزِّرُوهُ » : وينصروه ، ومعنى « وَيُوَقِّرُوهُ » ويفخموه . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة « وَيُعَزِّرُوهُ » : ينصروه « وَيُوَقِّرُوهُ » أمر الله بتسويده وتفخيمه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وَيُعَزِّرُوهُ } قال : ينصروه ، ويوقروه : أي ليعظموه . حدثني أبو هريرة الضُّبَعيّ ، قال : ثنا حرميّ ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، جعفر بن أبي وحشية ، عن عكرِمة « وَيُعَزِّرُوهُ » قال : يقاتلون معه بالسيف . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثني هشيم ، عن أبي بشر ، عن عكرِمة ، مثله . حدثني أحمد بن الوليد ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، عن سعيد ، عن أبي بشر ، عن عكرِمة ، بنحوه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، قالا : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن عكرِمة ، مثله . وقال آخرون : معنى ذلك : ويعظموه . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : « وَيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ » قال : الطاعة لله . وهذه الأقوال متقاربات المعنى ، وإن اختلفت ألفاظ أهلها بها . ومعنى التعزير في هذا الموضع : التقوية بالنُّصرة والمعونة ، ولا يكون ذلك إلا بالطاعة والتعظيم والإجلال . وقد بيَّنا معنى ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . فأما التوقير : فهو التعظيم والإجلال والتفخيم . وقوله : { وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً } يقول : وتصلوا له يعني لله بالغدوات والعشيات . والهاء في قوله : { وَتُسَبِّحُوهُ } من ذكر الله وحده دون الرسول . وقد ذُكر أن ذلك في بعض القراءات : « وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وأصِيلاً » . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة « وَيُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً » في بعض القراءة « ويسبِّحوا الله بكرة وأصيلاً » . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في بعض الحروف « وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وَأصِيلاً » . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : « وَيُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً » يقول : يسبحون الله رجع إلى نفسه .