Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 4-5)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن الذين ينادونك يا محمد من وراء حجراتكِ ، والحجرات : جمع حجرة ، والثلاث : حُجَر ، ثم تجمع الحجر فيقال : حَجُرات وحُجْرات ، وقد تجمع بعض العرب الحجر : حَجَرات بفتح الجيم ، وكذلك كلّ جمع كان من ثلاثة إلى عشرة على فُعَلٍ يجمعونه على فعَلات بفتح ثانيه ، والرفع أفصح وأجود ومنه قول الشاعر : @ أما كانَ عَبَّادٌ كَفِيئا لِدَارِم بَلى ، وَلأبْياتٍ بِها الحُجُرَاتُ @@ يقول : بلى ولبني هاشم . وقوله : { وأكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون } يقول : أكثرهم جهال بدين الله ، واللازم لهم من حقك وتعظيمك . وذُكر أن هذه الآية والتي بعدها نزلت في قوم من الأعراب جاؤوا ينادون رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته : يا محمد اخرج إلينا . ذكر الرواية بذلك : حدثنا أبو عمار المروزي ، والحسن بن الحارث ، قالا : ثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن أبي إسحاق ، عن البراء في قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَات } قال : جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد إنْ حمدي زين ، وإن ذمِّي شين ، فقال : " ذَاكَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعَالى " حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بمثله ، إلا أنه قال : ذاكم الله عزّ وجلّ . حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، قال : سمعت داود الطُّفاوي يقول : سمعت أبا مسلم البجلي يحدّث عن زيد بن أرقم ، قال : جاء أناس من العرب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبياً فنحن أسعد الناس به ، وإن يكن ملِكاً نعش في جناحه قال : فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته بذلك ، قال : ثم جاؤوا إلى حجر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فجعلوا ينادونه . يا محمد ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون } قال : فأخذ نبيّ الله بأذني فمدّها ، فجعل يقول : " قَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يا زَيْدُ ، قَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يا زَيْدُ " حدثنا الحسن بن أبي يحيى المقدمي ، قال : ثنا عفان ، قال : ثنا وُهَيب ، قال : ثنا موسى بن عقبة ، عن أبي سَلَمة ، قال : ثني الأقرع بن حابس التميميّ أنه أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فناداه ، فقال : يا محمد إنّ مدحي زَيْن ، وإنّ شتمي شَيْن فخرج إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : " وَيْلَكَ ذلكَ اللَّهُ " فأنزل الله { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاء الحُجُرَاتِ … } الآية . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ } : أعراب بني تميم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أن رجلاً جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فناداه من وراء الحُجَر ، فقال : يا محمد إنْ مدحي زين ، وإنّ شتمي شَيْن فخرج إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : " وَيْلَكَ ذلكَ اللَّهُ " فأنزل الله { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ … } الآية ، ذُكر لنا أن رجلاً جعل ينادي يا نبيّ الله يا محمد ، فخرج إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ما شأنُكَ " ؟ فقال : والله إنّ حمده لزين ، وإنّ ذمَّه لشَيْن ، فقال نبيّ صلى الله عليه وسلم : " ذَاكُمُ اللَّهُ " ، فأدبر الرجل ، وذُكر لنا أن الرجل كان شاعرا . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي عمرة ، قال : كان بشر بن غالب ولَبيد بن عُطارد ، أو بشر بن عُطارد ولبيد بن غالب ، وهما عند الحجاج جالسان ، يقول بشر بن غالب للبيد بن عطارد نزلت في قومك بني تميم { إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ } فذكرت ذلك لسعيد بن جُبَير ، فقال : أما إنه لو علم بآخر الآية ، أجابه : { يَمُنُّون عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا } قالوا : أسلمنا ، ولم يقاتلك بنو أسد . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : « أتى أعرابيّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته ، فقال : يا محمد ، يا محمد فخرج إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : " مالَكَ مالَكَ " ، فقال : تعلم أنْ مدحي لزين ، وأن ذمِّي لشين ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ذَاكُمُ اللَّهُ " ، فنزلت { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُمْ فَوقَ صَوْتِ النَّبِي } واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ } فقرأته قرّاء الأمصار بضمّ الحاء والجيم من الحُجُرات ، سوى أبي جعفر القارىء ، فإنه قرأ بضم الحاء وفتح الجيم على ما وصفت من جمع الحُجْرة حُجَر ، ثم جمع الحُجَر : حُجَرات . والصواب من القراءة عندنا الضم في الحرفين كليهما لما وصفت قبل . وقوله : { وَلَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حتى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لهُمْ } يقول تعالى ذكره : ولو أن هؤلاء الذين ينادونك يا محمد من وراء الحجرات صبروا فلم ينادوك حتى تخرج إليهم إذا خرجت ، لكان خيراً لهم عند الله ، لأن الله قد أمرهم بتوقيرك وتعظيمك ، فهم بتركهم نداءك تاركون ما قد نهاهم الله عنه ، { واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يقول تعالى ذكره : الله ذو عفو عمن ناداك من وراء الحجاب ، إن هو تاب من معصية الله بندائك كذلك ، وراجع أمر الله في ذلك وفي غيره رحيم به أن يعاقبه على ذنبه ذلك من بعد توبته منه .