Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 15-15)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول عزّ ذكره لـجماعة أهل الكتاب من الـيهود والنصارى الذين كانوا فـي عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أهل الكتاب من الـيهود والنصارى ، قد جاءكم رسولنا ، يعنـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم . ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا } وهو مـحمد صلى الله عليه وسلم . وقوله : { يُبَـيِّنُ لَكُمْ كَثِـيراً مِـمَّا كُنْتُـمْ تُـخْفُونَ مِنَ الكِتابِ } يقول : يبـين لكم مـحمد رسولنا كثـيراً مـما كنتـم تكتـمونه الناس ولا تبـينونه لهم مـما فـي كتابكم . وكان مـما يخفونه من كتابهم فبـينه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : رجم الزانـين الـمـحصنـين . وقـيـل : إن هذه الآية نزلت فـي تبـيـين رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس من إخفـائهم ذلك من كتابهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الـحسين بن واقد ، عن يزيد النـحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، قال : من كفر بـالرجم فقد كفر بـالقرآن من حيث لا يحتسب ، قوله : { يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَـيِّنُ لَكُمْ كَثِـيراً مِـمَّا تُـخْفُونَ مِنَ الكِتابِ } فكان الرجم مـما أخَفَوْا . حدثنا عبد الله بن أحمد بن شَبُّويَهْ ، أخبرنا علـيّ بن الـحسين ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنا يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس ، مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الوهاب الثقـفـي ، عن خالد الـحذّاء ، عن عكرمة فـي قوله : { يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَـينُ لَكُمْ } … إلـى قوله : { صِرَاطٍ مُسْتَقِـيـمٍ } [ المائدة : 16 ] قال : إن نبـيّ الله أتاه الـيهود يسألونه عن الرجم ، واجتـمعوا فـي بـيت ، قال : « أيّكم أَعْلَـمُ ؟ » فأشاروا إلـى ابن صُورِيا ، فقال : « أنْتَ أعْلَـمُهُمْ ؟ » قال : سل عما شئت ، قال : « أنْتَ أعْلَـمُهُمْ ؟ » قال : إنهم لـيزعمون ذلك . قال : فناشده بـالذي أنزل التوراة علـى موسى ، والذي رفع الطور ، وناشده بـالـمواثـيق التـي أُخذت علـيهم ، حتـى أخذه أَفْكَل ، فقال : إن نساءنا نساء حسان ، فكثر فـينا القتل ، فـاختصرنا أُخْصُورة ، فجلدنا مِئة ، وحلقنا الرؤوس ، وخالفنا بـين الرؤوس إلـى الدّوابّ أحسبه قال : الإبل قال : فحُكِم علـيهم بـالرجْم ، فأنزل الله فـيهم : { يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَـيِّـينُ لَكُمْ } … الآية ، وهذه الآية : { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ } [ البقرة : 76 ] . وقوله : { وَيَعْفُو عَنْ كَثِـيرٍ } يعنـي بقوله ويعفو : ويترك أخذكم بكثـير مـما كنتـم تـخفون من كتابكم الذي أنزله الله إلـيكم ، وهو التوراة ، فلا تعملون به حتـى يأمره الله بأخذكم به . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { قَدْ جاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وكِتابٌ مُبِـينٌ } . يقول جلّ ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب : قد جاءكم يا أهل التوراة والإنـجيـل من الله نور ، يعنـي بـالنور مـحمداً صلى الله عليه وسلم ، الذي أنار الله به الـحقّ ، وأظهر به الإسلام ، ومـحق به الشرك فهو نور لـمن استنار به يبـين الـحقّ ، ومن إنارته الـحقّ تبـيـينه للـيهود كثـيراً مـما كانوا يخفون من الكتاب . وقوله : { وكِتابٌ مُبِـينٌ } يقول جلّ ثناؤه : قد جاءكم من الله تعالـى النور الذي أنار لكم به معالـم الـحقّ . { وكِتَابٌ مُبِـينٌ } يعنـي : كتابـاً فـيه بـيان ما اختلفوا فـيه بـينهم من توحيد الله وحلاله وحرامه وشرائع دينه ، وهو القرآن الذي أنزله علـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم ، يبـين للناس جميع ما بهم الـحاجة إلـيه من أمر دينهم ويوضحه لهم ، حتـى يعرفوا حقه من بـاطله .