Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 53-53)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف القرّاء فـي قراءة قوله : { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا } فقرأتها قرّاء أهل الـمدينة : « فَـيُصْبِحُوا علـى ما أسَرُّوا فـي أنْفُسِهِمْ نادِمِينَ يَقُول الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الذينَ أقْسَمُوا بـاللّهِ » بغير واو . وتأويـل الكلام علـى هذه القراءة : فـيصبح الـمنافقون إذا أتـى الله بـالفتـح أو أمر من عنده ، علـى ما أسرّوا فـي أنفسهم نادمين ، يقول الـمؤمنـين تعجبـاً منهم ومن نفـاقهم وكذبهم واجترائهم علـى الله فـي أيـمانهم الكاذبة بـالله : أهؤلاء الذين أقسموا لنا بـالله إنهم لـمعنا وهم كاذبون فـي أيـمانهم لنا وهذا الـمعنى قصد مـجاهد فـي تأويـله ذلك الذي : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، عن مـجاهد : { فَعَسَى اللّهُ أنْ يَأتِـيَ بـالفَتْـحِ أوْ أمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ } حينئذٍ ، يقول الذين آمنوا : أهؤلاء الذين أفسموا بـالله جهد إيـمانهم ، إنهم لـمعكم ، حبطت أعمالهم فأصحوا خاسرين . وكذلك ذلك فـي مصاحف أهل الـمدينة بغير واو . وقرأ ذلك بعض البصريـين : { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا } بـالواو ، ونصب « يقول » عطفـاً به علـى « فعسى الله أن يأتـي بـالفتـح » . وذكر قارىء ذلك أنه كان يقول : إنـما أريد بذلك : فعسى الله أن يأتـي بـالفتـح ، وعسى يقول الذين آمنوا . ومـحال غير ذلك ، لأنه لا يجوز أن يقال : وعسى الله أن يقول الذين آمنوا ، وكان يقول : ذلك نـحو قولهم : أكلت خبزاً ولبناً ، وكقول الشاعر : @ ورأيْتِ زَوْجَكِ فـي الوَغَى مُتَقَلِّداً سَيْفـاً وَرُمـحَا @@ فتأويـل الكلام علـى هذه القراءة : فعسى الله أن يأتـي بـالفتـح الـمؤمنـين ، أو أمر من عنده يديـلهم به علـى أهل الكفر من أعدائهم ، فـيصبح الـمنافقون علـى ما أسرّوا فـي أنفسهم نادمين ، وعسى أن يقول الذين آمنوا حينئذٍ : هؤلاء الذين أقسموا بـالله كذبـاً جهد أيـمانهم إنهم لـمعكم . وهي فـي مصاحف أهل العراق بـالواو : { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا } . وقرأ ذلك قرّاء الكوفـيـين : { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا } بـالواو ورفع يقول بـالاستقبـال والسلامة من الـجوازم والنواصب . وتأويـل من قرأ ذلك كذلك : فـيصبحوا علـى ما أسرّوا فـي أنفسهم يندمون ، ويقول الذين آمنوا فـيبتدىء « يقول » فـيرفعها . وقراءتنا التـي نـحن علـيها : { وَيَقُولُ } بإثبـات الواو فـي : « ويقول » ، لأنها كذلك هي فـي مصاحفنا مصاحف أهل الشرق بـالواو ، وبرفع « يقول » علـى الابتداء . فتأويـل الكلام إذ كان القراءة عندنا علـى ما وصفنا : فـيصبحوا علـى ما أسرّوا فـي أنفسهم نادمين ، ويقول الـمؤمنون : أهؤلاء الذين حلفوا لنا بـالله جهد أيـمانهم كذبـاً إنهم لـمعنا . يقول الله تعالـى ذكره مخبراً عن حالهم عنده بنفـاقهم وخبث أعمالهم : { حَبِطَتْ أعمالُهُمْ } يقول : ذهبت أعمالهم التـي عملوها فـي الدنـيا بـاطلاً لا ثواب لها ولا أجر ، لأنهم عملوها علـى غير يقـين منهم بأنها علـيهم لله فرض واجب ولا علـى صحة إيـمان بـالله ورسوله ، وإنـما كانوا يعملونها لـيدفعوا الـمؤمنـين بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم ، فأحبط الله أجرها إذ لـم تكن له { فأصْبَحُوا خَاسِرينَ } يقول : فأصبح هؤلاء الـمنافقون عند مـجيء أمر الله بإدالة الـمؤمنـين علـى أهل الكفر قد وكسوا فـي شرائهم الدنـيا بـالآخرة ، وخابت صفقتهم وهلكوا .