Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 23-35)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وقال قرين هذا الإنسان الذي جاء به يوم القيامة معه سائق وشهيد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَقالَ قَرِينُهُ هَذَا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ } الملك . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وقَالَ قَرِينُهُ هَذَا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ … } إلى آخر الآية ، قال : هذا سائقه الذي وُكِّل به ، وقرأ { وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهيدٌ } . وقوله : { هَذَا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ } يقول تعالى ذكره مخبراً عن قِيل قَرينِ هذا الإنسان عند موافاته ربه به ، ربّ هذا ما لديّ عتيد : يقول : هذا الذي هو عندي معدّ محفوظ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { هَذَا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ } قال : والعتيد : الذي قد أخذه ، وجاء به السائق والحافظ معه جميعاً . وقوله : { أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } فيه متروك استغنى بدلالة الظاهر عليه منه ، وهو : يقال ألقيا في جهنم ، أو قال تعالى : ألقيا ، فأخرج الأمر للقرين ، وهو بلفظ واحد مخرج خطاب الاثنين . وفي ذلك وجهان من التأويل : أحدهما : أن يكون القرين بمعنى الاثنين ، كالرسول ، والاسم الذي يكون بلفظ الواحد في الواحد ، والتثنية والجمع ، فردّ قوله : { أَلْقِيا في جَهَنَّمَ } إلى المعنى . والثاني : أن يكون كما كان بعض أهل العربية يقول ، وهو أن العرب تأمر الواحد والجماعة بما تأمر به الاثنين ، فتقول للرجل ويلك أرحلاها وازجراها ، وذكر أنه سَمِعها من العرب قال : وأنشدني بعضهم : @ فَقُلْتُ لصَاحِبي لا تَحْبسانا بنزْعِ أُصُولهِ واجْتَزَّ شيحا @@ وقال : وأنشدني أبو ثروان : @ فإنْ تَزْجُرانِي يا بْنَ عَفَّانَ أنْزَجِرْ وَإنْ تَدَعانِي أحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعا @@ قال : فيروي أن ذلك منهم أن الرجل أدنى أعوانه في إبله وغنمه اثنان ، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة ، فجرى كلام الواحد على صاحبيه ، وقال : ألا ترى الشعراء أكثر شيئاً قيلاً يا صاحبيّ يا خليليّ ، وقال امرؤ القَيس : @ خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي على أُمّ جُنْدَبِ نُقَضِّ لُباناتِ الفُؤَادِ المُعَذَّبِ @@ ثم قال : @ ألَمْ تَرَ أنّي كُلَّما جِئْتُ طارِفاً وَجَدْتُ بِها طِيْباً وَإنْ لَّمْ تَطَيَّبِ @@ فرجع إلى الواحد ، وأوّل الكلام اثنان قال : وأنشدني بعضهم : @ خَلِيلَيَّ قُوما في عَطالَةَ فانْظُرَا : أنارٌ تُرَى مِنْ ذِي أبانَيْنِ أَمْ بَرْقا @@ وبعضهم يروي : أناراً نرى . { كُلّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } يعني : كل جاحد وحدانية الله عنيد ، وهو العاند عن الحقّ وسبيل الهدى . وقوله : { مَنَّاعٍ للْخَيْرِ } كان قتادة يقول في الخير في هذا الموضع : هو الزكاة المفروضة . حدثنا بذلك بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة . والصواب من القول في ذلك عندي أنه كلّ حقّ وجب لله ، أو لآدمي في ماله ، والخير في هذا الموضع هو المال . وإنما قلنا ذلك هو الصواب من القول ، لأن الله تعالى ذكره عمّ بقوله مناع للخير عنه أنه يمنع الخير ولم يخصص منه شيئاً دون شيء ، فذلك على كلّ خير يمكن منعه طالبه . وقوله : { مُعْتَدٍ } يقول : معتد على الناس بلسانه بالبذاء والفحش في المنطق ، وبيده بالسطوة والبطش ظلماً . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : معتد في منطقه وسيرته وأمره . وقوله : { مُرِيبٍ } يعني : شاكّ في وحدانية الله وقُدرته على ما يشاء . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : مُرِيبٍ : أي شاكّ .