Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 10-13)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : لُعِن المتكهنون الذين يتخرّصون الكذب والباطل فيتظننونه . واختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } فقال بعضهم : عُنَي به المرتابون . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } يقول : لعن المُرتابون . وقال آخرون في ذلك بالذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } قال : الكهنة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } قال : الذين يتخرّصون الكذب كقوله في عبس { قُتِلَ الإنْسانُ } ، وقد حدثني كل واحد منهما بالإسناد الذي ذكرت عنه ، عن مجاهد ، قوله : { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } قال : الذين يقولون : لا نُبْعَث ولا يُوقِنون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } : أهل الظنون . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { قُتِلَ الخَرَّاصُونَ } قال : القوم الذين كانوا يتخرّصون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت طائفة : إنما هو ساحر ، والذي جاء به سحر . وقالت طائفة : إنما هو شاعر ، والذي جاء به شعر وقالت طائفة : إنما هو كاهن ، والذي جاء به كهانة وقالت طائفة { أساطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلاً } يتخرّصون على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } يقول تعالى ذكره : الذين هم في غمرة الضلالة وغَلَبتها عليهم متمادون ، وعن الحقّ الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ساهون ، قد لَهُوا عنه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عنه . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } يقول : في ضلالتهم يتمادَون . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } قال : في غفلة لاهون . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } يقول : في غمرة وشُبهة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { غَمْرَةٍ ساهُونَ } قال : في غفلة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } قال : ساهون عما أتاهم ، وعما نزل عليهم ، وعما أمرهم الله تبارك وتعالى ، وقرأ قول الله جلّ ثناؤه { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا … } الآية ، وقال : ألا ترى الشيء إذا أخذته ثم غمرته في الماء . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ } : قلبه في كِنانة . وقوله : { يَسأَلُونَ أيَّانَ يَوْمُ الدّينِ } يقول تعالى ذكره : يسأل هؤلاء الخرّاصون الذين وصف صفتهم متى يوم المجازاة والحساب ، ويوم يُدِينُ الله العباد بأعمالهم . كما : حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أيَّانَ يَوْمُ الدّينِ } قال : الذين كانوا يجحدون أنهم يُدانون ، أو يُبعثون . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { يَسأَلُونَ أيَّانَ يَوْمُ الدّينِ } قال : يقولون : متى يوم الدين ، أو يكون يوم الدين . وقوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يقول تعالى ذكره : يوم هم على نار جهنم يفتنون . واختلف أهل التأويل في معنى قوله { يُفْتَنُونَ } في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عنى به أنهم يعذّبون بالإحراق بالنار . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يقول : يعذّبون . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { يَسأَلُونَ أيَّانَ يَوْمُ الدّينِ يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : فتنتهم أنهم سألوا عن يوم الدين وهم موقوفون على النار { ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } فقالوا حين وقفوا : { يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ } ، وقال الله تبارك وتعالى { هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : { يُفْتَنُونَ } قال : كما يفتن الذهب في النار . حدثني يعقوب ، قال : ثني هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن عكرِمة ، في قوله : { يَوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يعذّبون في النار يحرقون فيها ، ألم تر أن الذهب إذا ألقي في النار قيل فتن . حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن عكرِمة { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يعذّبون . حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مجاهد { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يقول : يُنْضَجون بالنار . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الحصين ، عن عكرِمة { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يحرقون . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يقول : يحرقون . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يطبخون ، كما يفتن الذهب بالنار . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يحرقون بالنار . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قال : يحرقون . وقال آخرون : بل عنى بذلك أنهم يكذبون . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يقول : يطبخون ، ويقال أيضاً { يُفْتَنُونَ } يكذّبون كل هذا يقال . واختلف أهل العربية في وجه نصب اليوم في قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } فقال بعض نحويي البصرة : نصبت على الوقت والمعنى في { أيَّانَ يَوْمُ الدّينِ } : أي متى يوم الدين ، فقيل لهم : في { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } ، لأن ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب ، وفيه فتنتهم على النار . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما نصبت { يَوْمَ هُمْ } لأنك أضفته إلى شيئين ، وإذا أضيف اليوم والليلة إلى اسم له فعل ، وارتفعا نصب اليوم ، وإن كان في موضع خفض أو رفع إذا أضيف إلى فَعَل أو يَفْعَلُ أو إذا كان كذلك ، ورفعه في موضع الرفع ، وخفضه في موضع الخفض يجوز : فلو قيل { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } فرفع يومُ ، لكان وجهاً ، ولم يقرأ به أحد من القرّاء . وقال آخر منهم : إنها نصب { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } لأنه إضافة غير محضة فنصبّ ، والتأويل رفع ، ولو رفع لجاز لأنك تقول : متى يومك ؟ فتقول : يوم الخميس ، ويوم الجمعة ، والرفع الوجه ، لأنه اسم قابل اسماً فهذا الوجه . وأولى القولين بالصواب في تأويل قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } قول من قال : يعذّبون بالإحراق ، لأن الفتنة أصلها الاختبار ، وإنما يقال : فتنت الذهب بالنار : إذا طبختها بها لتعرف جودتها ، فكذلك قوله : { يَوْمَ هُمْ على النَّارِ يُفْتَنُونَ } يحرقون بها كما يحرق الذهب بها ، وأما النصب في اليوم فلأنها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك .