Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 20-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وفي الأرض عِبر وعظات لأهل اليقين بحقيقة ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ } قال : يقول : معتبر لمن اعتبر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وفي الأرْضِ آياتٌ للْمُوقِنِينَ } إذا سار في أرض الله رأى عِبراً وآيات عظاماً . وقوله : { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم ، ودليل لكم على ربكم ، أفلا تبصرون إلى ذلك منكم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاريّ ، قال : ثنا أبو أُسامة ، عن ابن جُرَيج ، عن ابن المرتفع ، قال : سمعت ابن الزُّبير يقول : { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } قال : سبيل الغائط والبول . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن محمد بن المرتفع ، عن عبد الله بن الزُّبير { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } قال : سبيل الخلاء والبول . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وفي أنْفُسِكُمْ أفَلا تُبْصِرُونَ } ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى { وَمِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إذَا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } قال : وفينا آيات كثيرة ، هذا السمع والبصر واللسان والقلب ، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر ، وهذا الكلام الذي يتلجلج به ، وهذا القلب أيّ شيء هو ، إنما هو مضغة في جوفه ، يجعل الله فيه العقل ، أفيدري أحد ما ذاك العقل ، وما صفته ، وكيف هو ؟ . والصواب من القول في ذلك أن يقال : معنى ذلك : وفي أنفسكم أيضاً أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم ، وأنه لا إله لكم سواه ، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم { أفَلا تُبْصِرُونَ } يقول : أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه ، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم . وقوله : { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } يقول تعالى ذكره : وفي السماء : المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم ، وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا النضر ، قال : ثنا جُوَيبر ، عن الضحاك ، في قوله : { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } قال : المطر . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : { وفي السماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ } قال : الثلج ، وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص . حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الكريم ، عن الحسن ، قال : في السحاب فيه والله رزقكم ، ولكنكم تُحْرَمونه بخطاياكم وأعمالكم . قال : أخبرنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، قال : أحسبه أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ومطروا ، يقول : ومطرنا ببعض عثانين الأسد ، فقال : " كَذَبْتَ ، بَلْ هُوَ رِزْقُ اللَّهِ " حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ } قال : رزقكم المطر . قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } قال : رزقكم المطر . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ومن عند الله الذي في السماء رزقكم ، وممن تأوّله كذلك واصل الأحدب . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا هارون بن المُغيرة من أهل الرأي ، عن سفيان الثوري ، قال : قرأ واصل الأحدب هذه الآية { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ } فقال : ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض ، فدخل خرِبة فمكث ثلاثاً لا يصيب شيئاً ، فلما كان اليوم الثالث إذا هو دوخلَّة رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه ، فدخل معه ، فصارتا دوخلَّتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق الموت بينهما . واختلف أهل التأويل في تأويل ، قوله : { وَما تُوعَدُونَ } فقال بعضهم : معنى ذلك : وما توعدون من خير ، أو شرّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد { وَما تُوعَدُونَ } قال : وما توعدون من خير أو شرّ . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ } يقول : الجنة في السماء ، وما توعدون من خير أو شرّ . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما توعدون من الجنة والنار . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : ثنا النضر ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : { وَما تُوعَدُونَ } قال : الجنة والنار . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَما تُوعَدُونَ } من الجنة . وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي ، القول الذي قاله مجاهد ، لأن الله عمّ الخبر بقوله : { وَما تُوعَدُونَ } عن كلّ ما وعدنا من خير أو شرّ ، ولم يخصص بذلك بعضاً دون بعض ، فهو على عمومه كما عمه الله جلّ ثناؤه .