Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 21-21)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : والذين آمنوا وأتبعناهم ذرّياتهم بإيمان ، ألحقنا بهم ذرّياتهم المؤمنين في الجنة ، وإن كانوا لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم ، تكرمة لآبائهم المؤمنين ، وما ألتنا آباءهم المؤمنين من أجور أعمالهم من شيء . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، في هذه الآية : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهمْ بإِيمانٍ » فقال : إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذرّيته ، وإن كانوا دونه في العمل ، ليقرّ الله بهم عينه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرّية المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في العمل ، ليقرّ بهم عينه ، ثم قرأ « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُمْ بإيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّياتِهِم وَما أَلَتْناهمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ » . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عمرو بن مرّة الجملي ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرّيَّة المؤمن معه في درجته ، ثم ذكر نحوه ، غير أنه قرأ « وأَتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإِيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » . حدثني موسى بن بعد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا محمد بن بشر ، قال : ثنا سفيان بن سعيد ، عن سماعة ، عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، نحوه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس ، أنه قال في هذه الآية « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإِيمَانٍ » قال : المؤمن ترفع له ذرّيته ، فيلحقون به ، وإن كانوا دونه في العمل . وقال آخرون : بل معنى ذلك : والذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيَّاتهم التي بلغت الإيمان بإيمان ، ألحقنا بهم ذرياتهم الصغار التي لم تبلغ الإيمان ، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » يقول : الذين أدرك ذرّيتهم الإيمان ، فعملوا بطاعتي ، ألحقتهم بإيمانهم إلى الجنة ، وأولادهم الصغار نلحقهم بهم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » يقول : من أدرك ذريته الإيمان ، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بآبائهم في الجنة ، وأولادهم الصغار أيضا على ذلك . وقال آخرون نحو هذا القول ، غير أنهم جعلوا الهاء والميم في قوله : { أَلْحَقْنا بِهِمْ } من ذكر الذرّية ، والهاء والميم في قوله : ذرّيتهم الثانية من ذكر الذين . وقالوا : معنى الكلام : والذين آمنوا واتبعتهم ذرّيتهم الصغار ، وما ألتنا الكبار من عملهم من شيء . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأَتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإِيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » قال : أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوا ، فاتبعوهم عليها واتبعتهم ذرّياتهم التي لم يدركوا الأعمال ، فقال الله جلّ ثناؤه { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : يقول : لم نظلمهم من عملهم من شيء فننقصهم ، فنعطيه ذرّياتهم الذين ألحقناهم بهم ، الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالذين قد بلغوا الأعمال . وقال آخرون : بل معنى ذلك { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِم ذُرِّيَّتَهُمْ } فأدخلناهم الجنة بعمل آبائهم ، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت داود يحدّث عن عامر ، أنه قال في هذه الآية « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأَتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإِيمَانٍ ألحقنا بهم ذرياتهم وَما أَلَتْناهُمْ مِنَ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ » فأدخل الله الذرّية بعمل الآباء الجنة ، ولم ينقص الله الآباء من عملهم شيئاً ، قال : فهو قوله : { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن سعيد بن جُبَير أنه قال في قول الله : « ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ » قال : ألحق الله ذرّياتهم بآبائهم ، ولم ينقص الآباء من أعمالهم ، فيردَّه على أبنائهم . وقال آخرون : إنما عنى بقوله : « ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ » : أعطيناهم من الثواب ما أعطينا الآباء . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، قال : سمعت إبراهيم في قوله : « وأتْبَعْناهُمْ ذرّيَّاتِهمْ بإيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » قال : أعطوا مثل أجور آبائهم ، ولم ينقص من أجورهم شيئاً . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن إبراهيم « وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإِيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِم » قال : أعطوا مثل أجورهم ، ولم ينقص من أجورهم . قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع « وأتْبَعْناهُمْ ذُرّياتِهِمْ بإِيمَانٍ » يقول : أعطيناهم من الثواب ما أعطيناهم { وَما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول : ما نقصنا آباءهم شيئاً . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وأَتْبَعْناهُمْ ذُرّياتِهِمْ » كذلك قالها يزيد « ذُرّياتِهمْ بإِيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » قال : عملوا بطاعة الله فألحقهم الله بآبائهم . وأولى هذه الأقوال بالصواب وأشبهها بما دلّ عليه ظاهر التنزيل ، القول الذي ذكرنا عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، وهو : والذين آمنوا بالله ورسوله ، وأتبعناهم ذرياتهم الذين أدركوا الإيمان بإيمان ، وآمنوا بالله ورسوله ، ألحقنا بالذين آمنوا ذريتهم الذين أدركوا الإيمان فآمنوا ، في الجنة فجعلناهم معهم في درجاتهم ، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمة منا لآبائهم ، وما ألتناهم من أجور عملهم شيئاً . وإنما قلت : ذلك أولى التأويلات به ، لأن ذلك الأغلب من معانيه ، وإن كان للأقوال الآخر وجوه . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : « وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة { وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُمْ } على التوحيد بإيمان « ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » على الجمع ، وقرأته قراء الكوفة { وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُمْ بإيمَانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُم } كلتيهما بإفراد . وقرأ بعض قرّاء البصرة وهو أبو عمرو « وأتْبَعْناهُمْ ذُرّيًّاتِهِمْ بإيمَانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرّيَّاتِهِمْ » . والصواب من القول في ذلك أن جميع ذلك قراءات معروفات مستفيضات في قرأة الأمصار ، متقاربات المعاني ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول تعالى ذكره : وما ألتنا الآباء ، يعني بقوله : { وَما ألَتْناهُمْ } : وما نقصناهم من أجور أعمالهم شيئاً ، فنأخذه منهم ، فنجعله لأبنائهم الذين ألحقناهم بهم ، ولكنا وفَّيناهم أجور أعمالهم ، وألحقنا أبناءهم بدرجاتهم ، تفضلاً منا عليهم . والألت في كلام العرب : النقص والبخس ، وفيه لغة أخرى ، ولم يقرأ بها أحد نعلمه ، ومن الألت قول الشاعر : @ أبْلِغْ بني ثُعَلٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً جَهْدَ الرّسالَةِ لا ألْتا وَلا كَذِبا @@ يعني : لا نُقصان ولا زيادة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، { وَما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : ما نقصناهم . حدثني علي قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن ابن عباس قوله : { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول : ما نقصناهم . وحدثني موسى بن عبد الرحمن ، قال : ثنا موسى بن بشر ، قال : ثنا سفيان بن سعيد ، عن سماعة عن عمرو بن مرّة ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس { وَما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : وما نقصناهم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : ما نقصنا الآباء للأبناء . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ما نقصنا الآباء للأبناء ، { وَما ألَتْناهُمْ } قال : وما نقصناهم . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَما ألَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : نقصناهم . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس { وَما ألَتنْاهُمْ مِنْ عَمَلِهمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول : ما نقصنا آباءهم شيئاً . قال ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، مثله . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي المعلى ، عن سعيد بن جُبَير { وَما أَلَتْناهُمْ } قال : وما ظلمناهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول : وما ظلمناهم من عملهم من شيء . حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وَما أَلَتَنْاهُمْ مِنْ عَمَلِهمْ مِنْ شَيْءٍ } يقول : وما ظلمناهم . وحُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَما أَلَتْناهُمْ } يقول : وما ظلمناهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ } قال : يقول : لم نظلمهم من عملهم من شيء : لم ننتقصهم فنعطيه ذرّياتهم الذين ألحقناهم بهم لم يبلغوا الأعمال ألحقهم بالذين قد بلغوا الأعمال { وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } قال : لم يأخذ عمل الكبار فيجزيه الصغار ، وأدخلهم برحمته ، والكبار عملوا فدخلوا بأعمالهم . وقوله : { كُل امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } يقول : كلّ نفس بما كسبت وعملت من خير وشرّ مرتهنة لا يؤاخذ أحد منهم بذنب غيره ، وإنما يعاقب بذنب نفسه .