Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 48-49)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } يا محمد الذي حكم به عليك ، وامض لأمره ونهيه ، وبلِّغ رسالاته { فإنَّكَ بأَعْيُنِنا } يقول جلّ ثناؤه : فإنك بمرأى منا نراك ونرى عملك ، ونحن نحوطك ونحفظك ، فلا يصل إليك من أرادك بسوء من المشركين . وقوله : { وَسَبِّحْ بِحمْدِ رَبِّكَ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : إذا قمت من نومك فقل : سبحان اللّهِ وبحمده . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، في قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } قال : من كل منامة ، يقول حين يريد أن يقوم : سبحانَك وبحمدك . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } قال : سبحان الله وبحمده . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } قال : إذا قام لصلاة من ليل أو نهار . وقرأ { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ } قال : من نوم ، ذكره عن أبيه . وقال بعضهم : بل معنى ذلك : إذا قمت إلى الصلاة المفروضة فقل : سبحانك اللهمّ وبحمدك . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك . { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تقومُ } قال : إذا قام إلى الصلاة قال : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك ولا إله غيرك . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } إلى الصلاة المفروضة . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : وصلّ بحمد ربك حين تقوم من مَنامك ، وذلك نوم القائلة ، وإنما عنى صلاة الظهر . وإنما قلت : هذا القول أولى القولين بالصواب ، لأن الجميع مجمعون على أنه غير واجب أن يقال في الصلاة : سبحانك وبحمدك ، وما رُوي عن الضحاك عند القيام إلى الصلاة ، فلو كان القول كما قاله الضحاك لكان فرضاً أن يُقال لأن قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } أمر من الله تعالى بالتسبيح ، وفي إجماع الجميع على أن ذلك غير واجب الدليل الواضح على أن القول في ذلك غير الذي قاله الضحاك . فإن قال قائل : ولعله أُريد به الندب والإرشاد . قيل : لا دلالة في الآية على ذلك ، ولم تقم حجة بأن ذلك معنيّ به ما قاله الضحاك ، فيجعل إجماع الجميع على أن التسبيح عند القيام إلى الصلاة مما خير المسلمون فيه دليلاً لنا على أنه أُريد به الندب والإرشاد . وإنما قلنا : عُنِي به القيام من نوم القائلة ، لأنه لا صلاة تجب فرضاً بعد وقت من أوقات نوم الناس المعروف إلا بعد نوم الليل ، وذلك صلاة الفجر ، أو بعد نوم القائلة ، وذلك صلاة الظهر فلما أمر بعد قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ } بالتسبيح بعد إدبار النجوم ، وذلك ركعتا الفجر بعد قيام الناس من نومها ليلاً ، عُلِم أن الأمر بالتسبيح بعد القيام من النوم هو أمر بالصلاة التي تجب بعد قيام من نوم القائلة على ما ذكرنا دون القيام من نوم الليل . وقوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } يقول : ومن الليل فعظِّم ربك يا محمد بالصلاة والعبادة ، وذلك صلاة المغرب والعشاء . وكان ابن زيد يقول في ذلك ما : حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } قال : ومن الليل صلاة العشاء { وَإدْبارَ النُّجُومِ } يعني حين تدبر النجوم للأفول عند إقبال النهار . وقيل : عُنِي بذلك ركعتا الفجر . ذكر بعض من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَسَبِّحْهُ وَإدْبارَ النُّجُومِ } قال : هما السجدتان قبل صلاة الغداة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإدْبارَ النُّجُومِ } كنا نحدّث أنهما الركعتان عند طلوع الفجر . قال : وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول : لهما أحبّ إليّ من حُمْر النَّعَم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفي ، عن سعيد بن هشام عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركعتي الفجر " هُمَا خَيرٌ مِنَ الدُّنيْا جَمِيعاً " . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَإدْبارَ النُّجُومِ قال : ركعتان قبل صلاة الصبح . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عديّ وحماد بن مسعدة قالا : ثنا حميد ، عن الحسن ، عن علي ، في قوله : { وَإدْبارَ النُّجُومِ } قال : الركعتان قبل صلاة الصبح . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، قال : قال عليّ رضي الله عنه { إدْبارَ النُّجُومِ } الركعتان قبل الفجر . وقال آخرون : عنى بالتسبح { إدْبارَ النُّجُومِ } : صلاة الصبح الفريضة . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَإدْبارَ النُّجُومِ } قال : صلاة الغداة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإدْبارَ النُّجُومِ } قال : صلاة الصبح . وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني بها : الصلاة المكتوبة صلاة الفجر ، وذلك أن الله أمر فقال : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإدْبارَ النُّجُومِ } والركعتان قبل الفريضة غير واجبتين ، ولم تقم حجة يجب التسليم لها ، أن قوله فسبحه على الندب ، وقد دللنا في غير موضع من كتبنا على أمر الله على الفرض حتى تقوم حجة بأنه مراد به الندب ، أو غير الفرض بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .