Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 46-47)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني جلّ ثناؤه بقوله : { يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شيْئَاً } يوم القيامة ، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ، ثم بين عن ذلك اليوم أيّ يوم هو ، فقال : يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ، يعني : مَكرهم أنه لا يدفع عنهم عن عذاب الله شيئاً ، فاليوم الثاني ترجمة عن الأوّل . وقوله : { وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } يقول : ولا هم ينصرهم ناصر ، فيستقيد لهم ممن عذّبهم وعاقبهم . وقوله : { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذلكَ } اختلف أهل التأويل في العذاب الذي توعَّد الله به هؤلاء الظلمة من دون يوم الصعقة ، فقال بعضهم : هو عذاب القبر . ذكر من قال ذلك : حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن البراء { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } قال : عذاب القبر . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذلكَ } يقول : عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، أن ابن عباس كان يقول : إنكم لتجدون عذاب القبر في كتاب الله { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذلكَ } . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، أن ابن عباس كان يقول : إن عذاب القبر في القرآن . ثم تلا { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلمُوا عَذَاباً دُونَ ذلكَ } . وقال آخرون : عنى بذلك الجوع . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { عَذَاباً دُونَ ذلكَ } قال : الجوع . وقال آخرون : عنى بذلك : المصائب التي تصيبهم في الدنيا من ذهاب الأموال والأولاد . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلكَ } قال : دون الآخرة في هذه الدنيا يعذّبهم به من ذهاب الأموال والأولاد ، قال : فهي للمؤمنين أجر وثواب عند الله ، عدا مصائبهم ومصائب هؤلاء ، عجلهم الله إياها في الدنيا ، وقرأ { فَلا تُعْجِبْكَ أمْوَالُهُمْ وَلا أوْلادُهُمْ } … إلى آخر الآية . والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أن للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به عذاباً دون يومهم الذي فيه يصعقون ، وذلك يوم القيامة ، فعذاب القبر دون يوم القيامة ، لأنه في البرزخ ، والجوع الذي أصاب كفار قريش ، والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم دون يوم القيامة ، ولم يخصص الله نوعاً من ذلك أنه لهم دون يوم القيامة دون نوع بل عمّ فقال { وَإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } فكلّ ذلك لهم عذاب ، وذلك لهم دون يوم القيامة ، فتأويل الكلام : وإن للذين كفروا بالله عذاباً من الله دون يوم القيامة { وَلِكنَّ أكْثرَهُمْ لا يَعْلمُونَ } بأنهم ذائقو ذلك العذاب .