Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 12-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلفت القرّاء في قراءة { أفَتُمارُونَهُ } ، فقرأ ذلك عبد الله بن مسعود وعامة أصحابه « أفَتَمْرُونهُ » بفتح التاء بغير ألف ، وهي قراءة عامة أهل الكوفة ، ووجهَّوا تأويله إلى أفتجحدونه . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم أنه كان يقرأ : « أفَتَمْرُونَهُ » بفتح التاء بغير ألف ، يقول : أفتجحدونه ومن قرأ { أفَتُمارُونَهُ } قال : أفتجادلونه . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين { أفَتُمارُونَهُ } بضم التاء والألف ، بمعنى : أفتجادلونه . والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، وذلك أن المشركين قد جحدوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أراه الله ليلة أُسري به وجادلوا في ذلك ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وتأويل الكلام : أفتجادلون أيها المشركون محمداً على ما يرى مما أراه الله من آياته . وقوله : { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } يقول : لقد رآه مرّة أخرى . واختلف أهل التأويل في الذي رأى محمد نزلة أخرى نحو اختلافهم في قوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } ذكر بعض ما رُوي في ذلك من الاختلاف . ذكر من قال فيه رأى جبريل عليه السلام : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، أن عائشة قالت : يا أبا عائشة من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله قال : وكنت متكئاً ، فجلست ، فقلت : يا أمّ المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ، أرأيت قول الله { وَلَقَدْ رآه نَزْلَةً أُخْرَى } { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ المُبِينِ } قالت : إنما هو جبريل رآه مرّة على خلقه وصورته التي خلق عليها ، ورآه مرّة أخرى حين هبط من السماء إلى الأرض سادّاً عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، قالت : أنا أوّل من سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، قال : " هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ " . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ وعبد الأعلى ، عن داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة بنحوه . حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : كنت عند عائشة ، فذكر نحوه . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الأعلى ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت له : يا أبا عائشة ، من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله ، والله يقول : { لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ } { وَما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إلاَّ وَحيْاً أوْمِنْ وَرَاء حِجاب } قال : وكنت متكئاً ، فجلست وقلت : يا أمّ المؤمنين انتظري ولا تعجلي ألم يقل الله { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } { وَلَقَدْ رآهُ بالأُفُق المُبِين } فقالت : أن أوّل هذه الأمة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : " لَمْ أَرَ جِبْرِيلَ عَلى صُورَتِهِ إلاَّ هاتَيْن المَرَّتَيْن مُنْهَبِطاً مِنَ السَّماء سادًّا عِظَم خَلْقِهِ ما بَينَ السَّماءِ والأرْض " . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبيّ ، عن مسروق ، قال : كنت متكئاً عند عائشة ، فقالت : يا أبا عائشة ، ثم ذكر نحوه . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } قال : رأى جبريل في رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرّة ، عن ابن مسعود { لَقَدْ رآهُ نُزَلَةً أُخْرَى } قال : رأى جبريل في وبر رجليه كالدرّ ، مثل القطر على البقل . حدثني الحسين بن عليّ الصدائي ، قال : ثنا أبو أُسامة ، عن سفيان ، عن قيس بن وهب ، عن مرّة في قوله : { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } ثم ذكر نحوه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مجاهد { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } قال : رأى جبريل في صورته مرّتين . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل الحضرميّ ، عن مجاهد ، قال : رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورته مرّتين . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { وَلَقَدْ رآه نَزْلَةً أخْرَى } قال : جبريل عليه السلام . حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن عامر ، قال : ثني عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن كعب أنه أخبره أن الله تبارك وتعالى قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد ، فكلَّمه موسى مرّتين ، ورآه محمد مرّتين ، قال : فأتى مسروق عائشة ، فقال : يا أمّ المؤمنين ، هل رأى محمد ربه ، فقالت : سبحان الله لقد قفّ شعري لما قلت : أين أنت من ثلاثة من حدّثك بهنّ فقد كذب ، من أخبرك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت { لا تُدْرِكُه الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارُ } { وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِير وَما كانَ لِبَشَر أنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إلاَّ وَحْياً أوْ مِنْ وَرَاءِ حِجاب } ومن أخبرك ما في غد فقد كذب ، ثم تلت آخر سورة لقمان { إنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزّلُ الغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما في الأرْحام وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذَا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بأيّ أرْضٍ تَمُوتُ } ومن أخبرك أن محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد كذب ، ثم قرأت ، { يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } قالت : ولكنه رأى جبريل عليه السلام في صورته مرّتين . حدثنا موسى بن عبد الرحمن ، قال : ثنا أبو أُسامة ، قال : ثني إسماعيل ، عن عامر ، قال : ثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل ، قال : سمعت كعباً ، ثم ذكر نحو حديث عبد الحميد بن بيان ، غير أنه قال في حديثه فرآه محمد مرّة ، وكلَّمه موسى مرّتين . ذكر من قال فيه : رأى ربه عزّ وجلّ . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسباط ، عن سماك بن عكرِمة ، عن ابن عباس أنه قال : { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه بقلبه ، فقال له رجل عند ذلك : أليس { لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأبْصَارَ } ؟ قال له عكرِمة : أليس ترى السماء ؟ قال : بلى ، أفكلها ترى ؟ . حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن ابن عباس ، في قول الله : { وَلَقَدْ رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى } قال : دنا ربه فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى قال : قال ابن عباس قد رآه النبيّ صلى الله عليه وسلم . وقوله : { عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى } يقول تعالى ذكره : ولقد رآه عند سدرة المنتهى ، فعند من صلة قوله : { رآهُ } والسدرة : شجرة النبق . وقيل لها سدرة المنتهى في قول بعض أهل العلم من أهل التأويل ، لأنه إليها ينتهي علم كلّ عالم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن حفص بن حميد ، عن شمر ، قال : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار ، فقال له : حدثني عن قول الله : { عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى عِنْدَها جَنَّةُ المَأْوَى } فقال كعب : إنها سدرة في أصل العرش ، إليها ينتهي علم كلّ عالم ، مَلك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، ما خلفها غيب ، لا يعلمه إلا الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال أخبرني جرير بن حازم ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف ، قال : سأل ابن عباس كعباً ، عن سدرة المنتهى وأنا حاضر ، فقال كعب : إنها سدرة على رؤوس حملة العرش ، وإليها ينتهي علم الخلائق ، ثم ليس لأحد وراءها علم ، ولذلك سميت سدرة المنتهى ، لانتهاء العلم إليها . وقال آخرون : قيل لها سدرة المنتهى ، لأنها ينتهي ما يهبط من فوقها ، ويصعد من تحتها من أمر الله إليها . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا سهل بن عامر ، قال : ثنا مالك ، عن الزُّبير ، عن عديّ ، عن طلحة اليامي ، عن مرّة ، عن عبد الله ، قال : لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي من يعرج من الأرض أو من تحتها ، فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها ، فيقبض فيها . حدثني جعفر بن محمد المروزي ، قال : ثنا يعلى ، عن الأجلح ، قال : قلت للضحاك : لم تسمى سدرة المنتهى ؟ قال : لأنه ينتهي إليها كلّ شيء من أمر الله لا يعدوها . وقال آخرون : قيل لها : { سِدْرة المنتهى } ، لأنه ينتهي إليها كلّ من كان على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومِنهاجه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى } ، قال : إليها ينتهي كلّ أحد ، خلا على سنة أحمد ، فلذلك سميت المنتهى . حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا أبو جعفر الرازيّ ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هُريرة ، أو غيره « شكّ أبو جعفر الرازيّ » قال : لما أُسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كلّ أحد خلا من أمتك على سنتك . والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن معنى المنتهى الانتهاء ، فكأنه قيل : عند سدرة الانتهاء . وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى : لانتهاء علم كلّ عالم من الخلق إليها ، كما قال كعب . وجائز أن يكون قيل ذلك لها ، لانتهاء ما يصعد من تحتها ، وينزل من فوقها إليها ، كما رُوي عن عبد الله . وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك لانتهاء كلّ من خلا من الناس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها . وجائز أن يكون قيل لها ذلك لجميع ذلك ، ولا خبر يقطع العذر بأنه قيل ذلك لها لبعض ذلك دون بعض ، فلا قول فيه أصحّ من القول الذي قال ربنا جلّ جلاله ، وهو أنها سدرة المنتهى . وبالذي قلنا في أنها شجرة النبق تتابعت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أهل العلم . ذكر ما في ذلك من الآثار ، وقول أهل العلم : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انْتَهَيْتُ إلى السِّدْرَةِ فإذَا نَبْقُها مِثْلُ الجِرَارِ ، وَإذَا وَرَقُها مِثْل آذَانِ الفِيلَةِ فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمْرِ اللّهِ ما غَشِيَها ، تَحَوَّلَتْ ياقُوتاً وَزُمُرُّداً وَنَحْوَ ذلكَ " حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عَدِيّ ، عن سعيد عن قتادة ، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال : قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " لَمَّا انْتَهَيْتُ إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ أتَيْتُ عَلى إبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ : يا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا ؟ قال : هَذَا أبُوكَ إبْرَاهِيمُ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقالَ : مَرْحَباً بالابْنِ الصَّالِحِ والنَّبِيّ الصَّالِح ، قال : ثُمَّ رُفِعَتْ لي سِدْرَةُ المُنْتَهَى فحدّث نبيّ الله أنّ نبقها مثل قلال هجر ، وأن ورقها مثل آذان الفِيلة " . وحدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا خالد بن الحارث ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن قتادة ، قال : ثنا أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، فذكر نحوه . حدثنا أحمد بن أبي سُرَيج ، قال : ثنا الفضل بن عنبسة ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البُنانيّ ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رَكِبْتُ البُرَاقَ ثُمَّ ذُهِبَ بِي إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى ، فإذَا وَرقُها كآذَانِ الفِيَلَةِ ، وَإَذَا ثَمَرُها كالقِلالِ " قال : " فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمْرِ اللّهِ ما غَشِيَها تَغَيَّرَتْ ، فَمَا أحَدٌ يَسْتَطِيعُ أنْ يَصِفَها مِنْ حُسْنِها " قال : " فأَوْحَى اللّهُ إليَّ ما أوْحَى " . حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا أبو النضر ، قال ثنا سليمان بن المُغيرة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَرَجَ بِي المَلَكُ " قال : " ثُمَّ انْتَهَيْتُ إلى السِّدْرَةِ وأنا أعْرِفُ أنها سِدْرَةٌ ، أعْرِفُ وَرَقَها وَثَمَرها " قال : " فَلَمَّا غَشِيَها مِنْ أمْرِ اللّهِ ما غَشِيَها تَحَوَّلَتْ حتى ما يسْتَطِيعُ أحَدٌ أنْ يَصِفَها " . حدثنا محمد بن سنان القزّاز ، قال : ثنا يونس بن إسماعيل ، قال : ثنا سليمان ، عن ثابت ، عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : " حتى ما أسْتَطيعُ أنْ أصِفَها " . حدثنا عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا أبو جعفر الرازيّ ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره " شكّ أبو جعفر الرازيّ " قال : لما أُسريَ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كلّ أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذّة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها . وحدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل الحضرميّ ، عن الحسن العرنيِّ ، أراه عن الهذيل بن شرحبيل ، عن ابن مسعود { سدْرَةِ المُنْتَهَى } قال : من صُبْر الجنة عليها أو عليه فضول السندس والإستبرق ، أو جعل عليها فضول . وحدثنا به ابن حُمَيد مرّة أخرى ، عن مهران ، فقال عن الحسن العُرنيّ ، عن الهذيل ، عن ابن مسعود « ولم يشكّ فيه » ، وزاد فيه : قال صبر الجنة : يعني وسطها وقال أيضاً : عليها فضول السندس والإستبرق . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن الهذيل بن شرحبيل ، عن عبد الله بن مسعود في قوله : { سِدْرَةِ المُنْتَهَى } قال : صبر الجنة عليها السندس والإستبرق . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر سدرة المنتهى ، فقال : " يَسِيرُ فِي ظِلّ الْفَنَنِ مِنْها مِئَةُ رَاكِبٍ " أو قال : " يَسْتَظِلُّ فِي الفَننِ مِنْها مِئَةُ رَاكِبٍ " « شكّ يحيى » " فِيها فَرَاشُ الذَّهَبِ ، كأنَّ ثَمَرها القِلالُ " . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن سدرة المنتهى ، قال : السدرة : شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها ، وإن ورقة منها غَشَّت الأمَّةَ كلها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى } : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " رُفِعَتْ لي سِدْرَةٌ مُنْتَهاها فِي السَّماءِ السَّابِعَةِ ، نَبْقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرٍ ، وَوَرَقُها مِثْلُ آذانِ الفِيلَةِ ، يَخْرُجُ مِنْ ساقِها نَهْرَانِ ظاهِران ، وَنهْرانِ باطِنانِ " قال : " قُلْتُ لِجْبِريلَ ما هَذَان النَّهْرَانِ أرْوَاحٌ " قال : أمَّا النَّهْرَانِ الباطِنانِ ، فَفِي الجَنَّة ، وأمَّا النَّهْرَانِ الظَّاهِرَانِ : فالنِّيلُ والفُراتُ . وقوله : { عِنْدَها جَنَّةُ المأْوَى } يقول تعالى ذكره : عند سدرة المنتهى جنة مأوى الشهداء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { عِنْدَها جَنَّةُ المأْوَى } قال : هي يمين العرش ، وهي منزل الشهداء . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن داود ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس : { عِنْدَها جَنَّةُ المأْوَى } قال : هو كقوله : { فَلهُمْ جَنَّاتُ المأْوَى نُزُلاً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { عِنْدَها جَنَّةُ المأْوَى } قال : منازل الشهداء . وقوله : { إذْ يغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } يقول تعالى ذكره : ولقد رآه نزلة أخرى ، إذ يغشى السدرة ما يغشى ، فإذ من صلة رآه . واختلف أهل التأويل في الذي يغشى السدرة ، فقال بعضهم : غَشِيَها فرَاش الذهب . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمارة ، قال : ثنا سهل بن عامر ، قال : ثنا مالك ، عن الزبير بن عديّ ، عن طلحة اليامّي ، عن مرّة ، عن عبد الله { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : غشيها فَرَاش من ذهب . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم أو طلحة « شكّ الأعمش » عن مسروق في قوله : { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : غشيها فَراش من ذهب . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيْتُها بعَيْنِي سِدْرَةَ المُنْتَهَى حتى اسْتَثْبَتُّها ثُمَّ حالَ دُونَها فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ " . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيْتُها حتى اسْتَثْبَتُّها ، ثُمَّ حالَ دُونها فَرَاشُ الذَّهَبِ " . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن مجاهد وإبراهيم ، في قوله : { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : غشيها فراش من ذهب . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن موسى ، يعني ابن عبيدة ، عن يعقوب بن زيد ، قال : سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ما رأيتَ يغشى السِّدرة ؟ قال : " رأيْتُها يَغْشاها فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ " . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : قيل له : يا رسول الله ، أيّ شيء رأيت يغشى تلك السدرة ؟ قال : " رأيْتُها يَغْشاها فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ ، ورأيْتُ على كُلّ وَرَقَةٍ مِنْ وَرَقِها مَلَكاً قائماً يُسَبِّحُ اللّهَ " . وقال آخرون : الذي غشيها ربّ العزّة وملائكته . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إْذ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : غشيها الله ، فرأى محمد من آيات ربه الكبرى . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { إذْ يَغْشَى السَّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : كان أغصان السدرة لؤلؤاً وياقوتاً أو زبرجداً ، فرآها محمد ، ورأى محمد بقلبه ربه . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { إذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشَى } قال : غشيها نور الربّ ، وغشيتها الملائكة من حُبّ الله مثل الغربان حين يقعن على الشجر . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بنحوه . حدثنا عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا أبو جعفر الرازيّ ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره « شكّ أبو جعفر » قال : لما أُسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم انتهى إلى السدرة ، قال : فغشيها نور الخَلاّق ، وغشيتها الملائكة أمثالَ الغربان حين يقعن على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سَلْ .