Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 8-11)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ثم دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى إليه ، وهذا من المؤخَّر الذي معناه القديم ، وإنما هو : ثم تدلى فدنا ، ولكنه حسن تقديم قوله : { دنا } ، إذ كان الدنوّ يدلّ على التدلي والتدلي على الدنوّ ، كما يقال : زارني فلان فأحسن ، وأحسن إليّ فزارني وشتمني ، فأساء ، وأساء فشتمني لأن الإساءة هي الشتم : والشتم هو الإساءة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن { ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى } قال : جبريل عليه السلام . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى } يعني : جبريل . حدثنا اين حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى } قال : هو جبريل عليه السلام . وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم دنا الربّ من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى . ذكر من قال ذلك : حدثنا يحيى بن سعيد الأمويّ ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سَلَمة ، عن ابن عباس { ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى } قال : دنا ربه فتدلىّ . حدثنا الربيع ، قال : ثنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج جبرائيل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة ، ثم علا به بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار ربّ العزّة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إليه ما شاء ، فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كلّ يوم وليلة ، وذكر الحديث . وقوله : { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى } يقول : فكان جبرائيل من محمد صلى الله عليه وسلم على قدر قوسين ، أو أدنى من ذلك ، يعني : أو أقرب منه ، يقال : هو منه قاب قوسين ، وقِيب قوسين ، وقِيد قوسين ، وقادَ قوسين ، وقَدَى قوسين ، كل ذلك بمعنى : قدر قوسين . وقيل : إن معنى قوله : { فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } أنه كان منه حيث الوتر من القوس . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { قابَ قَوْسَيْنِ } قال : حيث الوتر من القوس . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ } قال : قيدَ قوسين . وقال ذلك قتادة . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خَصِيف ، عن مجاهد { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ } قال : قِيدَ ، أو قدرَ قوسين . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن عاصم ، عن زِرّ ، عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى : قال : دنا جبريل عليه السلام منه حتى كان قدر ذراع أو ذراعين . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن أبي رزين { قابَ قَوْسَيْنِ } قال : ليست بهذه القوس ، ولكن قدر الذراعين أو أدنى والقاب : هو القيد . واختلف أهل التأويل في المعنى بقوله : { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى } فقال بعضهم : في ذلك ، بنحو الذي قلنا فيه . حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا سليمان الشيبانيّ ، قال : ثنا زِرّ بن حُبيش ، قال : قال عبد الله في هذه الآية { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيْتُ جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَناحٍ " . حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، قال : ثنا خالد عبد الله ، عن الشيباني ، عن زرّ ، عن ابن مسعود في قوله : { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى } قال : رأى جبرائيل ستّ مئة جناح في صورته . حدثنا محمد بن عبيد ، قال : ثنا قبيصة بن ليث الأسدي ، عن الشيباني ، عن زرّ بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود { فَكان قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى } قال : رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام له ستّ مئة جناح . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان أوّل شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه جبريل عليه السلام بأجياد ، ثم إنه خرج ليقضي حاجته ، فصرخ به جبريل : يا محمد فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً ، فلم ير شيئاً ثلاثاً ثم خرج فرآه ، فدخل في الناس ، ثم خرج ، أو قال : ثم نظر « أنا أشكّ » ، فرآه ، فذلك قوله : { وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى ما ضَل صَاحِبُكُمْ وَما غَوَى وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى … } إلى قوله : { فَتَدَلَّى } جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، { فكان قابَ قَوْسَيْن أوْ أدْنى } يقول : القاب : نصب الأصبع . وقال بعضهم : ذراعين كان بينهما . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الشيباني ، عن زرّ بن حُبَيش ، عن ابن مسعود ، { فَكانَ قابَ قَوْسَيْن أوْ أدْنى } قال : له ستّ مئة جناح ، يعني جبريل عليه السلام . حدثنا إبراهيم بن سعيد ، قال : ثنا أبو أُسامة ، قال : ثنا زكريا ، عن ابن أشوع ، عن عامر ، عن مسروق ، قال : قلت لعائشة : ما قوله : { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكانَ قَابَ قَوْسَيْن أوْ أدْنى فَأَوْحَى إلى عَبْدِه ما أوْحَى } فقالت : إنما ذاك جبريل ، كان يأتيه في صورة الرجال ، وإنه أتاه في هذه المرّة في صورته ، فسدّ أفق السماء . وقال آخرون : بل الذي دنا فكان قاب قوسين أو أدنى : جبريل من ربه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { فَكانَ قَابَ قَوْسَيْن أوْ أدْنى } قال الله من جبريل عليه السلام . وقال آخرون : بل كان الذي كان قاب قوسين أو أدنى : محمد من ربه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن موسى بن عبيد الحميري ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : قلنا يا نبيّ الله : هل رأيت ربك ؟ قال : " لَمْ أرَهُ بِعَيْنِي ، ورأيتُهُ بفُؤَادِي مَرَّتَيْن " ثُمَّ : تَلا : { ثُمَّ دَنى فَتَدَلَّى } . حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر ، أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثيّ ، عن كثير ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَمَّا عُرِجَ بِي ، مَضَى جِبْرِيلُ حتى جاءَ الجَنَّةَ ، قالَ : فَدَخَلْتُ فأُعْطِيتُ الكَوْثَرَ ، ثُمَّ مَضَى حتى جاءَ السِّدْرَةَ المُنْتَهَى ، فَدَنا رَبُّكَ فَتَدَلَّى ، { فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى ، فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى } " . وقوله : { فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فأوحى الله إلى عبده محمد وحيه ، وجعلوا قوله : { ما أوْحَى } بمعنى المصدر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا معاذ بن هشام ، قال : ثنا أبي ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى } قال : عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه ربه . وقد يتوجه على هذا التأويل « ما » لوجهين : أحدهما : أن تكون بمعنى « الذي » ، فيكون معنى الكلام فأوحى إلى عبده الذي أوحاه إليه ربه . والآخر : أن تكون بمعنى المصدر . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا معاذ بن هشام قال : ثني أبي ، عن قتادة { فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحَى } ، قال الحسن : جبريل . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى } قال : على لسان جبريل . حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، مثله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فأَوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحَى } قال : أوحى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحى الله إليه . وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب قول من قال : معنى ذلك : فأوحى جبريل إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى إليه ربه ، لأن افتتاح الكلام جرى في أوّل السورة بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن جبريل عليه السلام ، وقوله : { فأوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى فِي سِياقِ ذلكَ } ولم يأت ما يدلّ على انصراف الخبر عنهما ، فيوجه ذلك إلى ما صرف إليه . وقوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } يقول تعالى ذكره : ما كذّب فؤاد محمد محمداً الذي رأى ، ولكنه صدّقه . واختلف أهل التأويل في الذي رآه فؤاده فلم يكذّبه ، فقال بعضهم : الذي رآه فؤاده ربّ العالمين ، وقالوا جعل بصره في فؤاده ، فرآه بفؤاده ، ولم يره بعينه . ذكر من قال ذلك : حدثنا سعيد بن يحيى ، قال : ثني عمي سعيد عبد الرحمن بن سعيد ، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأى } قال : رآه بقلبه صلى الله عليه وسلم . حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبر عباد ، يعني ابن منصور ، قال : سألت عكرمة ، عن قوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ } ما رأَى قال : أتريد أن أقول لك قد رآه ، نعم قد رآه ، ثم قد رآه ، ثم قد رآه حتى ينقطع النفس . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عيسى بن عبيد ، قال : سمعت عكرِمة ، وسُئل هل رأى محمد ربه ، قال نعم ، قد رأى ربه . قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا سالم مولى معاوية ، عن عكرمة ، مثله . حدثنا أحمد بن عيسى التميمي ، قال : ثنا سليمان بن عمرو بن سيار ، قال : ثني أبي ، عن سعيد بن زربي عن عمرو بن سليمان ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأَيْتُ رَبِي فِي أحْسَنَ صُورَةٍ " فَقالَ لِي : يا مُحَمَّدُ هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصمُ المَلأُ الأَعْلَى ؟ فَقُلْتُ " لا يا رَبّ فَوَضَعَ يَدَهُ بَينَ كَتِفَيَّ ، فَوَجَدْتُ بَرْدَها بَينَ ثَدْييَّ فَعَلِمْت ما في السَّماءِ والأرْضِ " فَقُلْتُ : " يا رَبّ فِي الدَّرَجاَتِ والكَفَّارَاتِ وَنَقْلِ الأقْدَام إلى الجُمُعاتِ ، وَانْتِظارِ الصَّلاةِ بَعْد الصَّلاةِ " فَقُلْتُ : " يا رَبّ إنَّكَ اتَّخَذْتَ إبْرَاهِيمِ خَلِيلاً ، وكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيماً ، وَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ ؟ " فَقال : ألمْ أشْرَحْ لَكَ صَدْرَكْ ؟ ألمْ أضَعْ عَنْكَ وِزْرَكَ ؟ ألمْ أفْعَلْ بِكَ ؟ ألْم أفْعَلْ . قال : " فأفْضَى إليَّ بأشْياءَ لَمْ يُؤْذَنْ لي أنْ أُحَدّثْكُمُوها " قال : " فَذلكَ قَوْلُهُ فِي كِتابِهِ يُحُدّثْكُمُوهُ " ثُمَّ دَنا فَتَدلى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنى ، فأوْحَى إلى عَبْدِهِ ما أوْحَى . ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى ، " فَجَعَلَ نُورَ بَصَرِي فِي فُؤَادِي ، فَنَظَرْت إلَيْهِ بِفُؤَادِي " حدثني محمد بن عمارة وأحمد بن هشام ، قالا : ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن السديّ ، عن أبي صالح { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال : رآه مرّتين بفؤاده . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن قيس ، عن عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخُلَّة ، واصطفى موسى بالكلام ، واصطفى محمداً بالرؤية صلوات الله عليهم . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية عن ابن عباس { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال : رآه بفؤاده . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق عمن سمع ابن عباس يقول { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال : رأى محمد ربه . قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { ما كَذَبَ الفُؤَادُ } فلم يكذّبه { ما رأَى } قال : رأى ربه . قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال رأى محمد ربه بفؤاده . وقال آخرون : بل الذي رآه فؤاده فلم يكذّبه جبريل عليه السلام . ذكر من قال ذلك : حدثني ابن بزيع البغدادي ، قال : ثنا إسحاق بن منصور ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه حلتا رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض . حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ ، قال : ثنا عمرو بن عاصم ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم عن رزّ ، عن عبد الله ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " رأيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى ، لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَناح ، يَنْفُضُ مِنْ رِيشِهِ التَّهاوِيلَ الدُّرَّ والياقُوتَ " . حدثنا أبو هشام الرفاعي ، وإبراهيم بن يعقوب ، قالا : ثنا زيد بن الحباب ، أن الحسين بن واقد ، حدثه قال : حدثني عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى لَهُ سِتّ مِئَةِ جَناحٍ " زاد الرفاعيّ في حديثه ، فسألت عاصماً عن الأجنحة ، فلم يخبرني ، فسألت أصحابي ، فقالوا : كلّ جناح ما بين المشرق والمغرب . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } قال : رأى جبريل في صورته التي هي صورته ، قال : وهو الذي رآه نزلة أُخرى . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رأَى } فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة ومكة والكوفة والبصرة { كَذَبَ } بالتخفيف ، غير عاصم الجحدري وأبي جعفر القارىء والحسن البصري فإنهم قرأوه « كذَّب » بالتشديد ، بمعنى : أن الفؤاد لم يكذّب الذي رأى ، ولكنه جعله حقاً وصدقاً ، وقد يحتمل أن يكون معناه إذا قرىء كذلك : ما كذّب صاحب الفؤاد ما رأى . وقد بيَّنا معنى من قرأ ذلك بالتخفيف . والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بالتخفيف لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، والأخرى غير مدفوعة صحتها لصحة معناها .